If you do not find what you're looking for, you can use more accurate words.
لكن في سنة 1866 خالفت الإمبراطورية النمساوية الاتفاق السابق وذلك بمطالبتها بأن يقرر المجلس مصير شلزويج وهولشتاين. فاستغل بسمارك ذلك ذريعة لبدء حرب ضد الإمبراطورية النمساوية، باتهام النمساويين بأنهم أخلوا باتفاقية جاستاين. وأرسل بسمارك القوات البروسية لاحتلال هولشتاين. وسرعان ما طلبت الإمبراطورية النمساوية مساعدة باقي الإمارات الألمانية، التي لبت هذا الطلب وخاضت الحرب البروسية النمساوية. وبفضل إعادة تنظيم الجيش البروسي الذي قام به ألبرخت فون رون وعبقرية هيلموت فون مولتكه، فإن قوة الجيش البروسي كانت تضاهي قوة الجيش النمساوي. وقد شكل بسمارك حلفا سريا مع مملكة إيطاليا، التي كانت تطمع في السيطرة على البندقية التي كانت خاضعة للسيطرة النمساوية. وبدخول إيطاليا الحرب اضطرت الإمبراطورية النمساوية إلى تقسيم قواتها، لمواجهة الجيش البروسي من جهة، والجيش الإيطالي من جهة أخرى. في هذه الأثناء، مع بداية الحرب حاول أحد المتطرفين الألمان ويدعى فرديناند كوهين بلايند اغتيال بسمارك في برلين، فأطلق عليه النار خمس مرات من مسافة قريبة. وأصيب بسمارك بإصابات طفيفة. وفي وقت لاحق إنتحر فرديناند كوهين بلايند في زنزانته.
استمرت الحرب سبعة أسابيع. ووصف البروسيين الحرب بأنها "حرب خاطفة"، وهو مصطلح استخدم أيضًا في عام 1939. وكان لدى الإمبراطورية النمساوية جيش قوي وكانت متحالفة مع معظم ولايات ألمانيا الشمالية وجميع الولايات الألمانية الجنوبية. ومع ذلك فازت مملكة بروسيا في معركة سدوا الحاسمة. وأراد الملك وجنرالاته غزو بوهيميا والمضي قدمًا إلى فيينا، إلا أن بسمارك قَلِق من أن يتغير الحظ العسكري البروسي أو أن تتدخل فرنسا إلى جانب الإمبراطورية النمساوية، فاستعان بسمارك بولي العهد الذي عارض الحرب وحاول ثني والده بعد عدة اجتماعات عن الحرب. أصر بسمارك حينها على "السلام الناعم" دون أي ضم أو استعراض للنصر حتى يتمكن من استعادة العلاقات الودية مع الإمبراطورية النمساوية بسرعة.
هزمت بروسيا النمسا وحلفائها هزيمة ساحقة في معركة سدوا. ونتيجة لصلح براغ الذي عقد في عام 1866، فقد حل الاتحاد الألماني، وضمت بروسيا إليها شلزويج وهولشتاين وفرانكفورت وهانوفر وهسن وكاسل وناساوْ، وتعهدت النمسا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية الألمانية. ولتعزيز السيطرة البروسية، فقد ضَمت بروسيا إمارت شمال ألمانيا الأخرى لتكوين ما سمي "بالاتحاد الألماني الشمالي" في سنة 1867، وكان يحكم الاتحاد دستور صاغه بشكل كبير بسمارك. وتوضع السلطة التنفيذية بيد الرئيس، ويكون التعيين في منصب الرئيس بالوراثة وتكون حكرًا لملوك بروسيا، ويكون للرئيس مساعد يطلق عليه لقب "المستشار" ويكون المستشار مسؤول فقط أمام الرئيس. أما السلطة التشريعية فتكون بيد الرايخستاغ وهي هيئة منتخبة شعبيًا، والبوندسرات وهي هيئة استشارية تمثل الولايات الألمانية. وكان البوندسرات من الناحية العملية أقوى مجلس. وترأس الاتحاد فيلهلم الأول وشغل بسمارك فيه منصب المستشار. ومع أن مملكة بروسيا كانت أكبر الولايات الألمانية في الاتحاد إلا انها لم تكن تملك إلا 17 مقعدًا من أصل 43 مقعدًا في البوندسرات، ولكن بسمارك كان بإمكانه التحكم بسهولة في أي إجراء في المجلس من خلال عقد تحالفات مع الولايات الألمانية الصغرى مثل ساكسونيا وهسن وكاسل وهانوفر من خلال إغرائها بالوعود مثل الحماية من الغزو الأجنبي والقوانين التجارية العادلة. ومنذ هذه النقطة بدأ ما يسميه المؤرخون "بؤس النمسا"، والتي شكلت فيه الإمبراطورية النمساوية دولة ضئيلة بالنسبة لجارتها المتفوقة ألمانيا، وظلت هذه العلاقة بين الإمبراطورية النمساوية وألمانيا حتى نهاية الحرب العالمية الاولى.
أكسب النصر العسكري دعما سياسيا ضخما لبسمارك في بروسيا. ففي انتخابات مجلس النواب في سنة 1866 تكبد الليبراليون خسارة فادحة، حيث خسروا أغلبيتهم الكبيرة. وكان البرلمان الجديد المكون في أغلبيته من المحافظين يمثل ظلا لبسمارك، فقد وافق بطلب منه على الميزانية التي رفضت في الأعوام الأربع السابقة، ونفذت رغم ذلك. ومنذ ذلك الوقت وبسمارك يعتبر واحدا من أبرز السياسيين في التاريخ.
وبعد حرب سنة 1866 ضم بسمارك مملكة هانوفر التي تحالفت مع النمسا ضد بروسيا. وقد سعى الملك المعزول جورج الرابع ملك هانوفر إلى التوصل إلى اتفاق يمنحه الحق بالاحتفاظ بنصف ممتلكات التاج، ويكون النصف الآخر ملك للدولة ثم يتحول إلى مكتسبات وطنية. لكن بسمارك اتهمه بالتخطيط للانقلاب ضد الدولة وقلص نصيبه من ممتلكات التاج إلى 16 من المائة، وكان ذلك في ربيع عام 1868. وقد استخدم بسمارك هذا المال لإنشاء صندوق سري (عرف بصندوق المخبرين الوقحين)، والذي استخدمه لرشوة الصحفيين ولتشويه سمعة خصومه السياسيين. واستخدم هذه الأموال في عام 1870 لكسب تأييد الملك لودفيك الثاني ملك بافاريا لجعل فيلهلم الأول إمبراطورا لألمانيا. واستخدم بسمارك هذه الأموال أيضا لزرع المخبرين داخل حاشية قصر ولي العهد الأمير فريدريش والأميرة فيكتوريا، وفي بث الأخبار الملفقة في الصحف التي تتهم الاثنين بأنهما عميلين بريطانيين يشيان بأخبار الدولة إلى الحكومة البريطانية. وكان فريدريش وفيكتوريا معجبان بالأمير ألبرت أمير ساكسكوبورج وجوتا، وكان يخططان للحكم كرفيفين مثل ألبرت والملكة فيكتوريا، ولإعادة تنظيم السلطة التنفيذية التي كان بسمارك يهدف للسيطرة عليها. وكان مكتب المستشار المسئول أمام الملك سيستبدل بوزارة على الطريقة البريطانية، مكونة من وزراء يكونون مسؤولين أمام الرايخستاج. وكانت سياسة الحكومة ستكون معتمده على إجماع الوزراء.
وفيما بعد حين اعتلى فيلهلم الثاني العرش خطط بسمارك لتشويه سمعة والديه لفصله عنهما، ولوضعه تحت سيطرته. وكان ينوي استخدامه كسلاح ضد والديه لكي يحتفظ بقوته الخاصة. كما كان بسمارك سيدرب فيلهلم ليتمرد عليهما وسيعلمه أن يكون عاصيا لهما. ونتيجة لذلك نشأت علاقة غير طبيعية لفيلهلم مع والده وخاصة مع أمه. وفي سنة 1892 بعد عزل بسمارك، أوقف القيصر فيلهلم الثاني هذا الصندوق وفساده بالتخلي عن دفع الرواتب الإضافية في الميزانية الرسمية.