العربية  

books أيديولوجيا سياسية

If you do not find what you're looking for, you can use more accurate words.

View more

الإيديولوجية والسياسة (Info)


للمزيد من المعلومات: بعثية

البعث الكلاسيكي: 1947-1960

الأمة العربية

منذ البداية، كان الحزب تعبيرا عن الفكر القومي العربي، حيث يشير إلى نفسه باسم "حزب الوحدة العربية". كما استبعدت إيديولوجية الحزب وأخضعت الأقليات الإقليمية مثل الأكراد والتركمان والآشوريين وغيرهم. تم تعزيز النزعات القومية العربية لسلفه، حركة البعث العربي خلال أعوام 1945 إلى 1947 عبر تجنيد أعضاء من حزب البعث العربي لزكي الأرسوزي. نصت المادة الأولى من دستور الحزب على أن "العرب يشكلون أمة واحدة. هذه الأمة لها الحق الطبيعي في العيش في دولة واحدة. [على هذا النحو]، يشكل الوطن العربي وحدة سياسية واقتصادية لا تتجزأ ولا يمكن لأي قطر عربي أن يستكمل شروط حياته منعزلاً عن الآخر."

للتعبير عن إيمانه العميق بالقومية العربية، صاغ عفلق مصطلح "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة". فالإيديولوجية الحزبية والبعثية بشكل عام، لم تكن مبنية على مفاهيم مثل طهارة العرق العربي أو الشوفينية العرقية، بل على الأفكار المثالية المستعارة من عصر التنوير. ووفقاً لخبيرة الشرق الأوسط تابيثا بتران، فإن الفكرة الأساسية لإيديولوجية الحزب كانت:

أن الأمة العربية هي كيان دائم في التاريخ. تعتبر الأمة العربية، من الناحية الفلسفية، ليس كتكوين اجتماعي واقتصادي، بل كحقيقة مبشرة تُلهم أشكالاً مختلفة، وأحد أرقى مساهماتها هي أتخاذها شكل الإسلام. لم يكن الإسلام هو الذي صاغ شعوب الجزيرة العربية والهلال الخصيب وشمال أفريقيا، مزوداً إياهم بالقيم الإسلامية، وخاصة اللغة العربية والثقافة العربية، بل الأمة العربية هي التي كونت الإسلام. إن هذا المفهوم للأمة العربية يبرز ضمنا المساهمة العربية في التاريخ. من ناحية أخرى، يمكن التغلب على الانحطاط العربي من خلال عمل تطوعي وروحي، ليس دينياً ولكن أخلاقيًا.

الفلاحين والعمال

في أيامه المبكرة أولى البعث اهتماماً قليل للمشاكل التي تواجه الفلاحين والعمال. ويقول حنا بطاطو حول ذلك: "كانت وجهة نظر عفلق حضرية. لم يكن الفلاحون أبدًا موضوعًا لاهتمامه الخاص. في كتاباته بالكاد هناك تعبير عن الاهتمام المركز في فلاحي البلاد." في حين أن الفلاحين والقضايا التي تواجههم مذكورة في بعض أعمال عفلق، لم يكاد يوجد أي عمق لهم أو للقضايا التي تواجههم. مثال على ذلك، في حالة واحدة يقول عفلق "[النضال الوطني] ... لا يمكن إلا أن يستند إلى عمومية العرب وهم لن يشاركوا فيه إذا تم استغلالهم". ثانياً، لم يكن لعفلق أي عداوة رسمية تجاه الإقطاعيين التقليديين. قضايا مثل هذه ستكتسب أهمية فقط عندما يصبح أكرم الحوراني شخصية بارزة في الحزب، وعندما استولى "البعثيون الانتقاليون" على السلطة. من بين الأعضاء الأربعة في اللجنة التنفيذية الأولى، كان وهيب الغانم هو الوحيد الذي أولى اهتماما كبيرا لمشاكل الفلاحين والعمال، لأن الأعضاء الآخرين (عفلق ، صلاح الدين البيطار وجليل السيد) كانوا ينتمون إلى الطبقة الوسطى ومتربين على قيمها.

لم يجذب البعث في البداية أتباعاً في المناطق الريفية. بل في الواقع، أثناء انعقاد المؤتمر التأسيسي للحزب، كان هناك فلاح واحد وعامل واحد فقط بين المندوبين الـ 217. معظم المندوبين كانوا إما مدرسين أو طلاب يدرسون في الجامعات. عندما اندمج الحزب العربي الاشتراكي لأكرم الحوراني مع حزب البعث، لم ينضم أغلبية أعضاء الحزب العربي الاشتراكي ذوي الأصول الريفية إلى حزب البعث، بل أصبحوا أتباع شخصيين لحوراني. ومع ذلك ، فإن غالبية أعضاء البعث كانت نشئتهم في المناطق الريفية. "البعث الانتقالي"، الذي انبثق من حلّ الفرع القطري السوري عام 1958 وحلّ اللجنة العسكرية، كان أكثر رجعية (ريفية) في النظرة والسياسة والأيديولوجيا.

"وحدة، حرية، اشتراكية"

شعار "وحدة، حرية، اشتراكية" هو المبدأ الأساسي في الفكر البعثي. وحدة تعني إنشاء دولة عربية موحدة قوية. حرية لا تعني ديمقراطية ليبرالية، بل بالأحرى التحرر من القمع الاستعماري وحرية التعبير وحرية الفكر. اعتقد عفلق أن حزب البعث، من الناحية النظرية على الأقل، سيحكم ويرشد الناس، في فترة انتقالية من الزمن دون استشارة الشعب، ومع ذلك فقد دعم ديمقراطية داخل الحزب. المبدأ الأخير، "الاشتراكية"، لم تكن تعني الاشتراكية كما هي محددة في الغرب، بل هي شكل فريد من الاشتراكية العربية. وفقاً للفكر البعثي، نشأت الاشتراكية تحت حكم النبي محمد. التفسير الأصلي للاشتراكية العربية لم يجب على أسئلة مثل: إلى أي درجة كانت سيطرة الدولة (اشتراكية الدولة) ضرورية أو المساواة الاقتصادية، بل ركزوا بدلاً من ذلك على تحرير الأمة العربية وشعبها من الاستعمار والظلم بشكل عام.

البعث الانتقالي: 1960-1964

القُطريون ضد القوميين

بعد فشل الجمهورية العربية المتحدة، تم تقسيم حزب البعث إلى فصيلين رئيسيين، القطريين والقوميين. عندما انهار الاتحاد مع مصر، وضع حزب البعث في موقف صعب، فهو ما زال الحزب يسعى إلى الوحدة العربية، لكنه لم يعارض حل الاتحاد، ولم يرغب في السعي إلى اتحاد آخر مع مصر تحت حكم جمال عبد الناصر. لكن لكونه الحزب الوحدوي الذي كان، لم يتمكن قادة الحزب من الإعلان عن موقفهم من هذه القضية. وكانت النتيجة النهائية أن القوميين المؤيدين للوحدة العربية داخل حزب البعث أصبحوا ناصريين ملتزمين. بينما القوميون الأكثر اعتدالاً من العرب أسسوا حزب الوحدويين الاشتراكيي المؤيد للناصريين. أما المجموعة الثالثة، التي قادها أشخاص محبطون من عبد الناصر ومن فترة الجمهورية المتحدة، فقد بقيت في حزب البعث، وتوقفت عن الاعتقاد في جاذبية العروبة. في 21 فبراير 1962، أصدرت القيادة الوطنية سياسة جديدة فيما يتعلق بالمشروع القومي العربي من خلال الإشارة أولاً إلى نجاحات وإخفاقات الجمهورية العربية المتحدة، لكن انهت البيان بالدعوة إلى إعادة تأسيس الجمهورية العربية المتحدة كاتحاد فيدرالي لامركزي مع مصر عبد الناصر. عارض العديد من قادة وأعضاء الحزب هذا التغير في السياسية، حيث كان العديد منهم محبطين من القومية العربية وحكم عفلق المستمر للحزب.

عندما أعيد تأسيس الفرع القطري السوري، كانت غالبية أعضائه في المحافظات ذوي أصول عامية- دروز وعلويين وإسماعيلين. لم يتم إخبار أعضاء الحزب في المحافظات السورية بقرار حل الفرع القطري، والذي في الواقع كسر خط الاتصال مع فروع المحافظات والقيادة الوطنية. صحيح أنه في عام 1962، دعم فصيل القطريين الشعار الذي اعتمد في المؤتمر الوطني الخامس، "تجديد الاتحاد مع مصر والاعتبار من أخطاء الماضي"، لكنهم اعتبروا مثل هذا الشعار كشعار دعائي، وليس كهدف قابل للتنفيذ.

"الطريق العربي للاشتراكية"

خيبة الأمل التي شعر بها أعضاء الحزب تجاه المشروع القومي العربي، أدت إلى تطرف تفسير الحزب للأشتراكية. كان ياسين الحافظ، العضو السابق في الحزب الشيوعي السوري، من أوائل المتصدرين لتطرف الحزب. رغم عدم معارضته لمشروع القومية العربية، لكنه أراد تحويل مفهوم الاشتراكية العربية إلى عقيدة اشتراكية علمية وثورية قامت بتكييف الماركسية مع الظروف المحلية. جمال الأتاسي، الذي كان اشتراكيا معتدلا في معظم حياته، دعا إلى التخلي عن الاشتراكية العربية في عام 1963 واعتماد "مفهوم الاشتراكية بحد أقصى" من خلال الادعاء بأن الصراع الطبقي كان القوة المتحركة في المجتمع.

أصبح حمود الشوفي زعيم الفصيل الماركسي في الحزب خلال فترة عمله القصيرة كأمين عام الفرع القطري السوري. تمكن شوفي، بسبب منصبه كرئيس لمكتب تنظيم القيادة القطرية، من تجنيد عدد من الأعضاء الماركسيين أو ذوي التوجه الماركسي إلى قمة التسلسل الهرمي للفرع القطري السوري. سيطر الاشتراكيون الراديكاليون بقيادة علي صالح السعدي على الفرع القطري العراقي في عام 1963، مما أدى إلى التطرف الرسمي في أيديولوجية الحزب.

نتخب المندوبون في المؤتمر القومي السادس لجنة أيديولوجية كانت مسؤولة عن كتابة ميثاق حول إيديولوجية الحزب. كانت النتيجة النهائية وثيقة نقاط المغادرة. الوثيقة التي وافق عليها المؤتمر الوطني السادس، هبطت بالوحدة العربية إلى دور ثانوي وأعطت الاشتراكية مكانة بارزة. استخدمت المفاهيم الماركسية بشكل متبادل جنبا إلى جنب مع المفاهيم البعثية، ومع ذلك كانت الوثيقة مترددة في الاعتراف صراحة بأن بعض الأفكار كانت من أصول ماركسية. في حين أن نقاط المغادرة لم تكن انفصال عن الإيديولوجية التقليدية للحزب، فقد انتقدت الاعضاء القدماء للحزب لإعطاء الوحدة العربية الأولية على الاشتراكية وفشلهم في تحويل البعث إلى نظرية شاملة. في حين أن وثائق الحزب تقول إن الوحدة العربية مشروع تقدمي، فإن سبب أهميتها قد تغير، حيث أعلنت وثيقة نقاط المغادرة: "الوحدة العربية أساس لا غنى عنه لبناء اقتصاد اشتراكي." كما اعتقد عفلق أيضاً أن الوحدة العربية كانت مجرد هدف وسيط، لكنها كانت تقف في مركز البعثية الكلاسيكية. بدى في نقاط المغادرة، على الرغم من عدم ذكره بقوة، أن هدف الرئيسي والمباشر للحزب الآن هو إنشاء مجتمع اشتراكي.

تم استبدال مفهوم الاشتراكية العربية، الذي اتهم بأنه ضيق الأفق وقومي، بمفهوم "الطريق العربي إلى الاشتراكية". وانتقدت نقاط المغادرة وجهة النظر البعثية الكلاسيكية فيما يتعلق بالملكية الخاصة. دعم البعثيون التقليديون الملكية الخاصة كطريقة لتجنيد العديد من العناصر البرجوازية الصغيرة. دعت الوثيقة إلى تأميم رؤوس الاقتصاد، والدمج البطيء للبرجوازية الصغيرة في الاقتصاد الاشتراكي والقضاء على البرجوازية الوطنية وطبقاتها الحليفة. لحماية الحزب من التطور إلى حزب داعم لرأسمالية دولة، سيخضع الاقتصاد الاشتراكي لسيطرة حزب طليعي مع مشاركة شعبية من الجماهير الكادحة.

البعث الجديد: 1964-1966

البعث الجديد مصطلح يستخدم لوصف التغيرات الدراماتيكية التي ظهرت في الفكر البعثي من 1960 إلى 1964، واستيلاء اللجنة العسكرية على الفرع القطري السوري والقيادة القومية في الفترة من 1964 إلى 1966. أظهر المؤتمر القومي السادس الاستيلاء على الحزب من قبل اليسار المناهض للعسكرة، والذي عارض كلا من القادة التقليديين في القيادة القومية والبراغماتيين في اللجنة العسكرية. عندما دعا اليسار المناهض للعسكرة إلى ديمقراطية شعبية، دون تدخل الجيش في السياسة الوطنية والنضال الشعبي، أصبحت اللجنة العسكرية قلقة. وبحلول عام 1965، بدأ اليساريون المناهضون للعسكرة في "نشر الشائعات حول الطابع اليميني للطاولة العسكرية (اللجنة العسكرية) داخل الحزب وجهودهم التخريبية لإغراقها. لم يكن هناك ضابط واحد في الحزب لم يكن متهما بالتآمر والميول الرجعية." بالتعاون مع القيادة القومية، نجحت اللجنة العسكرية في طرد اليسار المناهض للعسكرة من الحزب في المؤتمر القومي السابع. استولت اللجنة العسكرية، التي تسيطر الآن على الفرع القطري السوري، على حزب البعث في انقلاب عام 1966. ووفقًا لخبير الشرق الأوسط أفراهام بن تزور، فإن "البعث [الجديد] في أحدث أشكاله هو جهاز بيروقراطي يرأسه الجيش، تتشكل حياته اليومية وروتينه من القمع العسكري الصارم على الجبهة الداخلية، و[المساعدات السوفيتية من بين أمور أخرى] المساعدات العسكرية".

Source: wikipedia.org