العربية  

books eighteenth and nineteenth century

If you do not find what you're looking for, you can use more accurate words.

View more

القرن الثامن والتاسع عشر (Info)


أطروحة الانحطاط

من منتصف إلى أواخر القرن الثامن عشر، ظهرت نظرية بين بعض المثقفين الأوروبيين وهي أن اليابسة في العالم الجديد كانت بطبيعتها أقل شأنا من أوروبا، اقترحت ما سمي بـ" أطروحة الانحطاط " أن الظواهر المناخية والرطوبة والظروف الجوية الأخرى في أميركا أضعفت الرجال جسدياً.

نشأت النظرية مع كونت دي بوفون في كتابه " تاريخ الطبيعة" (1766)، وانضم إليه الكاتب الفرنسي فولتير موافقاً. وأصبح الهولندي كورنيليوس دي باو أحد أشهر مروجيها، وقال دي باو أن العالم الجديد غير صالح للسكن البشري لأن :

«حظه سيئ من الطبيعة وكل ما يحتويه إما منحط أو وحشي، الأرض مليئة بالكائنات المتحللة ومغمورة بالفيضانات والسحالي والثعابين والحشرات. إنني على يقين أن الاستيلاء على العالم الجديد من أعظم المصائب التي حلت على البشرية»

جعلت النظرية من السهل القول بأن البيئة الطبيعية للولايات المتحدة من شأنها أن تمنع إنتاج ثقافة حقيقية. القس الفرنسي الموسوعي غيوم توماس فرانسوا رينال كتب عام 1770:

«أميركا لم تنتج شاعراً جيداً أو عالم رياضيات قدير، ولا عبقري واحد في أي فن أو علم»

الآباء المؤسسون للولايات المتحدة انتقدوا النظرية وقاموا بتفنيدها، وتبادل بنجامين فرانكلين والفرنسي كونت دي بوفون الرسائل بخصوص هذه المسألة. توماس جيفرسون، الرئيس الثالث للولايات المتحدة، في كتابه ملاحظات على ولاية فيرجينيا (1785) يقول:

«كما لو أن كلا العالمين الجديد والقديم لا يتدفئان بنفس الشمس اللطيفة، كما لو أن التربة من نفس التركيب الكيميائي، أقل قدرة على إنتاج غذاء للحيوان. الحقيقة هي، أن القزم أو شخص من باتاغونيا، الفأر أو الماموث، يستمدون أبعادهم من نفس العصائر الغذائية. لقد حسموا قرارهم بأن العالم القديم أفضل من الجديد قبل أن يروا أي من الحيوانات، ولذلك لا يمكن الوثوق بقرارهم»

أليكساندر هاميلتون كتب في أبحاث الفيدرالية الاصدار الحادي عشر:

« سياسيا وكذلك من الناحية الجغرافية، يمكن تقسيم العالم إلى أربعة أقسام، كل منها مجموعة متميزة من المصالح . لسوء حظ الثلاث الأخرى، فإن أوروبا بأذرعها ومفاوضاتها سواء بالقوة و الاحتيال وبدرجات مختلفة، امتدت سيطرتها على كل من أفريقيا وآسيا وأمريكا وقد شعرنا تباعاً بهيمنتها. تفوق حافظت عليه لفترة طويلة وأغراها باعتبار نفسها سيدة العالم والنظر إلى بقية الجنس البشري كما لو كان خُلق لخدمتها. رجال لطالما أعجبت بهم باعتبارهم فلاسفة متعمقين، أرجعوا لأوروبا التفوق البدني، وأكد بعضهم وقال أن جميع الحيوانات ومعها الجنس البشري، منحطة في أميركا، حتى الكلاب تتوقف عن النباح بعد أن تتنشق الهواء للحظة في غلافنا الجوي. الحقائق دعمت غطرسة هولاء الأوروبيين لفترة طويلة، واجبنا الدفاع عن شرف الجنس البشري بالاخوية الاعتدال. الاتحاد سيمكننا من القيام بذلك، وتفرقنا سيضيف ضحايا آخرين لانتصارات الأوروبيين. ليرفض الأميركيين أن يكونوا وسائل ممارسة العظمة الأوروبية وذلك بالسماح للثلاثة عشرة دولة بالاتحاد في نظام صارم لا ينفصل. لنتفق على إقامة الاتحاد الأميركي العظيم المتفوق على كل قوى النفوذ في المحيط الأطلسي والقادر على إملاء شروط العلاقة بين العالم الجديد والقديم»

دافع ظهور هذه الدعاية كان مرتبط جزئياً بخوف الحكومات الأوروبية من الهجرة الجماعية إلى العالم الجديد. وساهمت في ظهور حالة الفرانكوفوبيا (معاداة الفرنسيين) بين الأميركيين.

الثقافة

انتقد بعض الأوروبيين الأمريكيين لافتقارهم إلى "الذوق، الكياسة والحضارة" واعتبروا الشخصية الأميركية "وقحة ومتغطرسة". المؤلفة البريطانية فرانسيس ترولوب في كتابها الآداب المحلية للأميركيين الصادر عام 1832، قالت أن أعظم الفروقات بين إنجلترا وأميركا هو حاجتهم إلى التهذيب، موضحة بأن تلك الممسحة التي أزالت الجوانب الخشنة والوعرة من طبيعة الإنجليز، ليست موجودة ولا يُحلم بها بين الأميركيين. هذا الكتاب أغضب الأميركيين أكثر من أي كتاب أُلف من مراقب أجنبي في كل الأوقات.

كتاب الكابتن الإنجليزي فريدريك ماريات المعنون "يومياتي في أميركا" (1839) أثار جدلاً كذلك، وأحرقت صورة للمؤلف مع كتبه في ميتشغن. رواية الإنجليزي تشارلز ديكنز حياة ومغامرات مارتن تشزلويت، تُعتبر هجاءً قاسياً للحياة الأميركية. بنهاية القرن التاسع عشر، كانت الصورة النمطية عن "الأميركي القبيح، الشره، الواعظ، المزعج، الشوفيني" وجدت لها مكانا ثابتاً في أوروبا.

مثل هذه الأحكام المسبقة متجذرة في ذهنية الأوروبيين، فمفهوم الثقافة الأوروبية الأرقى من "الابتذال الأمريكي" لا يزال حياً إلى اليوم، ، فالفكرة هي أن أوروبا تاريخها أقدم وبالتالي ثقافتها أغنى. برغم التفوق الأميركي في مجالات عدة والتأثير الثقافي الأميركي على الأوروبيين منذ الحرب العالمية الثانية ومابعدها.

السياسة والآيدولوجية

واجهت الولايات المتحدة الشابة انتقادات لأسباب سياسية وأيديولوجية. المفكرين والأدباء الأوروبيين الرومانسيين يعادون النظرة التنويرية للعقل ومهووسون بالقومية والتاريخ. الشاعر الألماني نيكولاس ليناو كتب:

« مع غياب مفهوم الأساس، أعتقد أنه بامكاني تحديد طبيعة المؤسسات الأميركية. مانسميه في ألمانيا بوطن الأسلاف، هنا في أميركا هو مجرد خطة تأمين على الممتلكات»

هذه التعليقات متلازمة أخرى للغة الانحطاط، وجاء التركيز على الولايات المتحدة فقط وليس بلدانا بتاريخ مشابه مثل كندا والمكسيك. هاجر ليناو إلى الولايات المتحدة في عام 1833 ووجد أن البلاد لا ترقى إلى مستوى المثل العليا لديه، مما دفعه للعودة إلى ألمانيا في العام التالي. كانت تجربته في الولايات المتحدة الأمريكية موضوعا لرواية بعنوان "تعبت من أمريكا" المؤلفة من زميله الألماني فرديناد كورنبرغر. وهوجمت طبيعة الديمقراطية الأميركية، كانوا يقولون بأن أميركا تفتقر إلى "العاهل، الأرستقراطية، التقاليد الراسخة، والنظام الطبقي الصارم" ووصفوا الديمقراطية الأميركية بالـ"مهزلة" وورموها بالفشل. الثورة الفرنسية، والتي كانت مكروهة من قبل العديد من المحافظين الأوروبيين، أثرت على الولايات المتحدة بفكرة إنشاء الدستور المبني على مبادئ مجردة وعالمية، ولكن تناقض مبادئ دستور الولايات المتحدة مع تاريخ العبودية في أميركا، جلب العديد من الانتقادات. الكاتب البريطاني صمويل جونسون علق عام 1775 قائلاً :

«لماذا نسمع أعلى الصيحات عن الحرية ممن يستعبد الزنوج؟ أنا مستعد لحب كل البشر باستنثاء الأميركيين»

وذلك برغم أن العبودية كانت ممارسة ونشطة في الإمبراطورية البريطانية حتى العام 1833. تعليق صمويل جونسون صدر عام 1775 وهو عام حرب الاستقلال الأمريكية بقيادة جورج واشنطن ضد الإمبراطورية البريطانية، أراد جونسون أن يُظهر تناقض الثوريين الأميركيين باسم الحرية ودفاعهم عن العبودية في ذات الوقت.

Source: wikipedia.org