If you do not find what you're looking for, you can use more accurate words.
وأكثر ما أحدث تغييراً في شخصية الأسير هو الاجتياح الإسرائيلي للبنان في 1982 لأنه شكّل نقطة تحول في حياته وجعله يبتعد عن الجو الفني في بيته، فقد ذكر أنه بدأ يفكر بعد الاجتياح وحرب شرق صيدا وسقوط العديد من القتلى، وأراد التعرف إلى الأديان، فعانى من أهله الذين رفضوا الفكرة «ليس لأنهم ضد الدين، بل لأنهم كانوا خائفين من كل شيء اسمه أحزاب» كما قال. ثم التزم الأسير دينياً وبعد أشهر قليلة التحق بـ الجماعة الإسلامية وأمضى 4 سنوات في صفوفها، قبل أن ينضم إلى عمل الدعوة والتبليغ وهي مجموعة غير حزبية تقوم بجولات للدعوة في الداخل والخارج ولا تتدخل في السياسة.
اعتبر الأسير أكبر من عمره دائما، هكذا كان يقال عنه. بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وعند بدء حرب شرق صيدا بدأ التحول في حياة الأسير. أطل الخطر عبر القصف والعنف والمعارك على صيدا، هنا بدأت الأسئلة تجول في رأس المراهق، يقول:«بدأت اسأل عن سرد الحياة، من خلقنا، وكيف؟ لماذا هناك مسيحي وسني وشيعي؟» في تلك الفترة لم يكن الأسير متديناً، لم يكن يصلّي، لكن الإشكاليات التي طرحها على نفسه جعلته يأخذ قراره. قرر الأسير يومذاك التزام الدين والبحث عن الحقيقة لم يجد أمامه سوى الجماعة الإسلامية فانتسب إليها والتزم العمل معها نحو 4 سنوات. صيت الجماعة الإسلامية كان بدأ يسطع، بدأ الناس ينظرون إلى المنتمين للجماعة على انهم أُناس صادقون، يقاتلون إسرائيل ويستشهدون. أراد الأسير من الجماعة أن تقربه من دينه، أن توصله إلى الحقيقة، وهذا ما لم يحدث. لم تستطع الجماعة الاسلامية أن تجيب عن أسئلة الأسير. كان الخطاب الديني فيها محصوراً بمسألة الجهاد والقتال، وهذه، وفق الأسير «أفكار سطحية وبسيطة عن الدين.» أراد الأسير أن يكون منظراً يتأثر به الناس، ولا يتأثر بهم. العمل في صفوف الجماعة لم يعجب والد الأسير، كان يعتبر ان ابنه انتزع فالأفكار التي كانت تسيطر على عقل الابن أزعجت الأب الفنّان. بدأت الانتقادات المتبادلة، فالابن كان يرى في عمل أبيه عملاً مخالفاً للدين والشريعة، والأب لم يكن معجباً بأفكار ابنه. وصل الخلاف إلى ذروته عندما أراد الأسير المشاركة في دورات تدريبية عسكرية، فغضب والده وضربه، مما دفعه إلى ترك المنزل فترة طويلة، وأقام في غرفة مهجورة لأيام.
مسيرة الأسير انتهت عندما بدأ يرى الجماعة تستعمل الخطاب الديماغوجي. في كل الأحوال ابتعد الأسير عن الجماعة الإسلامية عندما وجد ضالته عند جماعة الدعوة والتبليغ فشارك في رحلة لمدّة 40 يوماً إلى البقاع، أسس بعدها عمل الدعوة والتبليغ في صيدا والجنوب.
بعيداً من كون والدة الأسير شيعية تبرز بعض الحوادث التي يمكن أن تكون لها دلالة في مسألة علاقة الأسير والطائفة الشيعية أو التنظيمات السياسية الشيعية. أثناء مشاركة الأسير في رحلة دعوية تبليغية في قرية تدعى البرغلية قضاء صور العام 1989 اعتقلته ومن كان برفقته مجموعة مسلحة من حركة أمل، عومل الأسير ورفاقه معاملة سيئة كما منع عن تلاوة الأذان من دون ذكر عبارة أشهد أن علياً ولي الله كما وجهت إليهم الإهانات والشتائم الطائفية، أما علاقة الأسير مع حزب الله فبدأت عندما كان في صفوف الجماعة الإسلامية يقيمون مخيمات تدريب مشتركة في إحدى قرى شرق صيدا، هناك كان يستمع إلى محاضرات الأمين العام للحزب آنذاك عباس الموسوي. حينذاك لم تكن هناك مشكلات أو حساسيات، لكن الأسير بدأ يجد أن عناصر حزب الله لا يريدون الانفتاح عليه لمجرد أنه من طائفة مختلفة. كان الأسير يصلح الكاميرا الوحيدة التي كان يستعملها مقاتلو حزب الله لتصوير عملياتهم.
ويروي الأسير حادثة أثرت كثيراً في نظرته:«كنا في عملية استطلاع لموقع عسكري إسرائيلي عندما طلبنا من عناصر الحزب ان يعرفونا إلى المنطقة، لكي نستطيع الانسحاب في حال حصول طارئ، الا ان الحزب تلكأ كثيرا حتى وصلنا إلى يوم العملية. هنا فكرت بكل شهداء الجماعة الاسلامية وتساءلت: هل يريدنا الحزب ان نموت ليستغل دمنا كما فعل مع من سبقنا؟» يؤكد الأسير أنه أول من رفع صورة للإمام الخميني في صيدا، لكن الصدمة كانت قاتلة عندما قال له أحد قياديي حزب الله «ان الخميني قام بما لم يستطع فعله الأنبياء.» يومذاك صعق الأسير، ومذ ذاك لم يستطع فهم عقيدة حزب المقاومة.