If you do not find what you're looking for, you can use more accurate words.
ورد مصطلح تدبُّر القرآن في قول الله -تعالى-: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)، والتدبُّر سبيل المسلم للتفكُّر في معاني كتاب الله ومدلولاته، والاستجابة لِما تتضمّنه الآيات القرآنيّة من معاني الرحمة، والرجاء، وامتثال الأوامر؛ فإن قرأ المسلم آيةً تتضمّن عذاباً، استعاذَ بالله منه، واجتهد في تنفيذ ما أمر الله به، واستغفر لِما اقترفَه من الذنوب والمعاصي، وإن قرأ آيةً تتضمّن معاني الرحمة الربّانية، دعا رَبَّه أن يشملَه بها، وإن قرأ آيات استجابة الدعاء، اجتهدَ في مُناجاة ربّه، وتضرّع إليه؛ راجياً عَفْوه، ومغفرته، وإن قرأ آيات تمجيد الله، أو تنزيه، سبَّحَه، وعَظّمه، ووَقَّره.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الانتفاع بالقرآن، وتحقيق الغاية من إنزاله لا تتحقّق بمُجرّد القراءة، وإنّما بإعمال النَّظَر والفِكْر في آياته، وتدبُّر معانيها، وبذلك يتحصّل المسلم على ثمرة قراءة القرآن؛ فالتدبُّر مِمّا يُعين على معرفة طُرق الخير والشرّ، وتجلية مَعالمها، وإدراك أسبابها، وفَهْم مقاصدها وغاياتها، والنَّظَر في مآلات سالكيها كما بَيّن ذلك العلّامة ابن القَيّم الجوزيّة -رحمه الله-، والتدبُّر فعلٌ سامٍ لا يتعلّق بمُجرّد النَّظَر لتحصيل المعارف والعلوم، وإنّما هو تفكُّرٌ شاملٌ، ونظرٌ ثاقبٌ في الآيات؛ للتوصُّل إلى مَراميها ومَقاصدها الحقيقيّة؛ الأمر الذي يجعل المسلم قادراً على العمل بما عَلِمَه.