العربية  

books amphibians

If you do not find what you're looking for, you can use more accurate words.

View more

برمائيات (Info)


البَرْمائِيَّات أو القَوَازِبُ، هي فقاريَّاتٌ رُباعيَّة الأطراف خارجيَّة الحرارة، اسمُها بالعربيَّة منحوتٌ من كلمتيّ «بر» و«ماء»، لِانتسابها إلى كلاها. جميعُ البرمائيَّات المُعاصرة تنتمي إلى طُويئفة ملساء الجلد (باللاتينية: Lissamphibia)، وهي تقطُنُ تشكيلةً واسعةً من الموائل الطبيعيَّة، من البيئات الأرضيَّة والجُحريَّة والشجريَّة والمائيَّة العذبة. والبرمائيَّات هي الحيوانات الوحيدة التي تبدأ حياتها في الماء ثُمَّ تُغادرُهُ بعد تحوُّلاتٍ جُسمانيَّةٍ داخليَّةٍ وخارجيَّة، فتتحوَّلُ صغارها، المُسمَّاة شراغيف (مُفردُها شُرغُوف)، من شكل السمكة إلى شكلها البالغ.

بعد أن تنقف البُيُوض وتخرجُ الشراغيف، تمُرُّ بِسلسلة تغييراتٍ جُسمانيَّة، فهي تولدُ بِذنبٍ طويلٍ يُعينُها على السباحة وخياشيم جانبيَّةٍ تتنفَّسُ بها كالسَّمك، فتتغطَّى خياشمها بِغشاءٍ جلديٍّ وتختفي من ظاهر الجسم، وتظهر بوادرُ الرِّجلين الخلفيَّتين في حالة الضفادع والسَّمادر، وتتوالى التغيُّرات تدريجيًّا فتظهر الرِّجلان الأماميَّتان، ثُمَّ يتقاصر الذنب بِبُطءٍ حتَّى يختفي عند الضفادع ويستمرُّ عند السَّمادر. وتصحب التغيُّرات الخارجيَّة تغيُّراتٌ داخليَّةٌ أيضًا يتحوَّلُ فرخُ البرمائيّ فيها، باستثناء بعض الأنواع الأرضيَّة من الضفادع والسَّمادر، من التنفُّس بِالخياشيم إلى التنفُّس بِالرئتين. وتستخدمُ البرمائيَّات جُلُودها كجهاز تنفُّسٍ ثانويٍّ، وبعضُ الأنواع الأرضيَّة سالِفة الذِكر تعتمدُ اعتمادًا كُليًّا على التنفُّس من جُلُودها لِافتقادها الرئتين. لِلبرمائيَّات شبهٌ ظاهريٌّ بِالعظايا، على أنَّ الأخيرة بِالإضافة إلى الثدييَّات والطُيُور تنتمي إلى الفرع الحيوي المعروف بِالسلويَّات، وهي الكائنات التي تضع صغارًا مُغلَّفةً بِغشاءٍ سلويّ، ولا تحتاج لِبيئةٍ مائيَّة لِلحفاظ على ذُريَّتها. نظرًا لِمُتطلِّباتها التكاثُريَّة المُعقَّدة والدقيقة وجُلُودها النفيذة، يُعدُّ وُجودُ البرمائيَّات في منطقةٍ مُعيَّنةٍ إحدى مُؤشِّرات سلامة بيئة تلك المنطقة؛ ولُوحظ بدايةً من العُقُود الأخيرة لِلقرن العشرين الميلاديّ تراجُع أعداد الكثير من أنواع البرمائيَّات حول العالم نتيجة ارتفاع نسب التلوُّث وبِسبب غيرها من المُشكلات البيئيَّة.

ظهرت أولى البرمائيَّات خلال العصر الديڤوني، مُتطوِّرةً من الأسماك لحميَّة الزعانف ذات الرئتين والأطراف العظميَّة، وهي خصائصٌ جسديَّة ساعدتها على التأقلم مع الحياة على اليابسة. تشعَّبت البرمائيَّات خِلال العصرين الفحمي والبرمي ووسَّعت نطاق انتشارها عبر الأرض، لكنَّها سُرعان ما بدأت بِالانحسار مع توسُّع نطاق وأشكال الزواحف وغيرها من الفقاريَّات. ومع مُرُور الزمن، تقلَّص حجم البرمائيَّات وقلَّ تنوُّعها، حتَّى اقتصرت على طُويئفة ملساء الجلد الباقية إلى اليوم.

تتكوَّن هذه الطائفة اليوم من ثلاث رُتب: عديمات الأذيال (الضفادع والعلاجيم) وذوات الأذيال (السَّمادر أو السمادل) وعديمات الأرجل. يصلُ عدد أنواع البرمائيَّات المُعاصرة إلى حوالي 8,000 نوعٍ، تُشكِّلُ الضفادع ما نسبته 90% منها. أصغر البرمائيَّات (والفقاريَّات عُمومًا) هو الضُفيدع الأماوي (باللاتينية: Paedophryne amauensis) من غينيا الجديدة، البالغ طوله 7.7 مليمترات (0.30 إنشًا)، أمَّا أضخمها فهو السمندر الصيني الجنوبي العملاق (باللاتينية: Andrias sligoi) البالغ طوله 1.8 أمتار. رُغم ذلك فإنَّ النوع الأخير لا يغدو كونه قزمًا أمام بعض الأنواغ المُنقرضة، كالبرمائي التمساحي الجبلي «پريونوسوكس» البالغ طوله 9 أمتار، والذي عاش خلال أواسط البرمي على الأراضي التي تُشكِّلُ اليوم البرازيل.

التسمية

في اللُغة العربيَّة، «البَرْمائِيُّ» هو الكائنُ الحيّ المنسوب إلى البرِّ والماء، فمن حيثُ اللُغة هي الحيوانات والنباتات التي تعيش في البرِّ وفي الماء كالضِّفدع والتِّمساح، ورد في الموسوعة في عُلُوم الطبيعة: «الْبَرْمَائِيُّ أَوِ القَازِبُ، هُوَ كُلُّ حَيَوَانٍ مَسْكَنُهُ الْمَاءِ وَلَكِنَّهُ يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجُ مِنْهُ بَعْضَ الْوَقْتِ كَالْْفَقْمَةِ وَفَرَسِ الْبَحْرِ وَالتِّمْسَاحِ»، أمَّا علميًّا فهي تُطلق على الأنواع التي تنتمي إِلى إحدى طوائف الحيوانات مثل الضفادع والعلاجيم، وهي الحيوانات التي تعيش طورًا من حياتها في الماء متنفِّسة بالخياشيم، وتقضي طورًا آخر على البرّ متنفِّسةً بِالرئتين. وتُسمَّى البرمائيَّات أيضًا «قَوَازِب»، مُفردُها «قَازِب»، وتعريفها في قاموس المورد: «طَائِفَةٌ مِنَ الْفَقَارِيَّاتِ تَقْضِي جُزْءًا مَنْ دَوْرَتِهَا الْحَيَّاتِيَّةِ فِي الْمِيَاهِ الْعَذْبَةِ وَجُزْءًا مِنْهَا عَلَى الْيَابِسَةِ»، والبرمائي هو كائنٌ «قَادِرٌ عَلَى الْعَيْشِ عَلَى الْيَابِسَةِ وَفِي الْمَاءِ». وجاء في مُعجم الحيوان لِأمين المعلوف: «قَوَازِبُ. ذَوَاتُ الْحَيَاتَيْن. ذَوَاتُ العُمرَين. بَرِّي مَائِيّ. بَرْمائِيٌّ: طَائِفَةٌ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الفِقَرِيَّةِ تَعِيشُ فِي الْبَرِّ والمَاءِ كَالضَّفَادِعِ. سَمَّاهَا بَعْضُهُم ذَوَاتُ الْحَيَاتَيْن وَذَوَاتُ العُمْرَين. وَالقَازِبُ فِي اللُّغَةِ التَّاجِر الْحَرِيص مَرَّةٌ فِي الْبَحْرِ وَمَرَّةٌ فِي الْبَرِّ وَقَدْ اسْتَعَارَهَا الْأَب أنستاس لِهَذَهِ الْحَيَوَانَاتِ وَسَمَّاهَا بَعْضُهُمْ بَرْمائِيَّةٌ مَنْحُوتَةٌ مِنْ الْبِرِّ والماءِ وَلَا بَأْسَ بِهَا»، كما جاء في «قاموس حِتّي الطبي الجديد» لمؤلفيه يوسف حتي وأحمد شفيق الخطيب: «القَوازِب - واحِدُها قازِب، البَرْمائيّات - حَيواناتٌ فَقَريَّة تَعيشُ على اليابسة وفي الماء كالضَّفادِع».

التصنيف

تنقسم البرمائيات بِتعريفها الأعمّ والأشمل إلى ثلاث طُويئفات منها اثنتان منقرضتان وطُويئفة باقية، وهي كالآتي:

    نشأت أوَّل مجموعة كبيرة من البرمائيَّات في العصر الديڤوني، قبل نحو 370 مليون سنة، بتطوُّرِها من الأسماك لحميَّات الزعانف (وهي كانت شبيهةً في حينها بشوكيَّات الجوف والأسماك الرئويَّة الحديثة)، فنشأت عند هذه الأسماك زعانف لها مفاصلُ عِدَّة مثل الأرجل ولها أصابعُ صغيرةٌ كانت تزحفُ بها على قاع البحر. وكانت المستنقعات الديڤونيَّة راكدة الماء وقليلة الأُكسجين، فنشأت عند هذه الأسماك رئاتٌ بدائيَّة لتنفُّس الهواء، كما كانت هذه الأسماك قادرةً على الزَّحف إلى اليابسة بالتشبًّثِ بزعانف البسيطة، وتحوَّلت هذه الزعانف في نهاية المطاف إلى سيقان، فأمست تلك الأسماك (وهي أشباه رُباعيَّات الأطراف) سلفًا لِسائر أنواع رُباعيَّات الأطراف التي تبعتها، ومنها جميع البرمائيَّات والزواحف والطُيُور والثدييَّات الحديثة. على أنها -رُغم قُدرتها على الزحف فوق اليابسة- أمضت جُلَّ حياتها في الماء، وتنفَّست معظم الأُكسجين من خياشيمها رُغْم ما كان لها من رئاتٍ بسيطة.

    اكتُشفت أمثلةٌ كثيرةٌ على كائناتٍ حيَّةٍ تُمثِّلُ مرحلةً انتقاليةً بين الأسماك والبرمائيَّات، ومن أقدمها الإكتوستيجة التي كانت من أولى أنواع البرمائيات البدائيَّة قط، فكان لها منخار ورئتان فعَّالتان، بِالإضافة إلى أربعة أطراف قوية ورقبة وذيلٌ مُزعنف وجمجمةٌ قريبةٌ جدًا من جُمجُمة السمكة قوية الزعانف. ظهرت عند البرمائيَّات -بالتدريج- سماتٌ أعانتها على قضاء فترات مُطوَّلة خارج الماء، إذ تحسَّنت قدرتها على التنفس من رئاتها وازدادت أجسامها وزنًا وصلابة لتُهيِّءَ لها حملَ نفسها على اليابسة، كما اكتسبت يَدَيْن وقَدَمين بدائيَّتيْن في كلّ منها خمسُ أصابع أو أكثر، وأما جلدُها فأصبح قادرًا على حِفْظ سوائل جسمها وإبطاء تجفّفه. ومن التكيّفات الأخرى التي طرأت على هذه الأسماك تقلُّصُ عظمها الفَكْلاَمِيّ (أي اللامي الفكي، وهو يقعُ خلف الخياشيم) فتحوَّل إلى عظم الركاب في الأُذُن الوُسطى للبرمائيَّات لِيسمحَ لها بِسماع الأصوات على اليابسة، وتتشابهُ البرمائيَّات مع الأسماك العظميَّة بِتركيب أسنانها المُميَّز ذات الطبقات العِدَّة وبأنَّ لها زوجًا من العظم القذالي في مُؤخَّرة جُمجُمتها، وهما سمتان فريدتان لا مثيلَ لهُما في سائر مملكة الحيوان.

    كانت بحار وأنهار وبحيرات الأرض قبل نحو 360 مليون عام (أي في نهاية العصر الديڤوني) آهلةً بالحياة بِكافّة صورها، فيما كانت اليابسة خاليةً من الفقاريات لا تسكنُها إلا النباتات البدائيَّة، ولو أنَّ بعض الحيوانات الفقاريَّة رُبَّما كانت قادرةً على الزحف خارج الماء حينذاك، ومنها الإكتوستيجة. ويظنُّ العلماء أن هذه الكائنات دفعت نفسها في المياه بذراعيها (أي طرفيها الأماميَّيْن) بينما تسحبُ وراءها ساقَيْها، مثل حال الفُقُم الفيليَّة الحديثة. وأصبح المناخ رطبًا ودافئًا في مطلع العصر الفحمي، قبل ما بين 360 إلى 345 مليون سنة، فغطَّت الأرض مستنقعاتٌ شاسعةٌ صنعتها النباتات الحزازية والسرخسانيَّات والكنباث والكالامايت، وفي تلك الفترة نشأت على اليابسة مفصليَّات الأرجُل التي تتنفَّسُ الأكسجين من الهواء، فغزت أرجاء الأرض وأمست غذاءً لِلبرمائيَّات الأولى التي خرجت إلى اليابسة لأنها من آكلات اللحوم، وكانت لهذه البرمائيَّات البدائية أربعة أطرافٍ ورئات تتنفَّسُ بها الهواء، على أنها أجسادها ظلَّت طويلة ومستدقَّة ولها ذيولٌ قويَّة مثل الأسماك. ولم تكُن على اليابسة حينئذٍ فقاريات رباعية الأرجل سوى البرمائيات، فتربَّعت على قمَّة السلسلة الغذائية وشغلت في نظامها البيئي موقعًا شبيهًا جدًا بالذي تشغلهُ التماسيح في أنظمتها البيئية حاليًا، وكان يصلُ طولها أحيانًا إلى أمتارٍ عِدَّة، فأصبحت كائناتٍ ضاريةٍ تفترسُ الحشرات الضخمة التي عاصرتها وأنواعًا كثيرة من الأسماك، لكنها كانت ترجعُ إلى الماء لتضجع بيوضها عديمة القشرة، وما زالت سائر البرمائيات الحديثة تعيشُ مرحلة الشرغوف في الماء بخياشيم مكتملة مثل أسلافها من الأسماك، وأما ما سمح للزواحف بأن تعيش دورة حياتها كاملةً على اليابسة (وبأن تُسيطر على السلسلة الغذائية وتزدهر كديناصورات وتيروصورات وغيرها) هو أن بيضها تطوَّر فيه سائل سلوي يحمي الجنين من الموت. انهارت المُستنقعات والغابات المطيرة الشاسعة حول الأرض بِنهاية العصر الفحمي، فاندثرَ موئلُ البرمائيات وانتهى معه عصر ازدهارها فحلَّت مكانها الزواحف، كما أن البرمائيات تلقَّت ضربةً قاسيةً في انقراض العصر البرمي-الثُلاثي (وهو أكبرُ انقراض جماعيّ في تاريخ الأرض)، ودخل بعدها العصر الثُلاثي أو الترياسي (قبل 250 إلى 200 مليون عام) الذي تفوَّقت فيه الزواحف باستمرارٍ على البرمائيات، فتضاءلت أحجامُ البرمائيَّات وقيمتها في مُحيطها الحيوي. وعاشت حينها على الأرض مجموعتان مُنقرضتان الآن منها هما مقسومات الفقار والفقاريَّات الرقيقة، ويُظَنُّ أن البرمائيَّات ملساء الجلد (وهي سائرُ البرمائيات الحديثة) ربما نشأت من إحدى هاتين المجموعتين في وقتٍ ما بين نهاية العصر الفحمي ومطلع الثلاثي، إلا أن نقصَ الأحافير يُعسِّرُ تأريخها الدقيق، وتؤيِّدُ هذه التواريخ آخرُ الدراسات القائمة على التحليل الجزيئي.

    ما تزال نشأة البرمائيات والعلاقة التطورية بين مجموعاتها الثلاث عُرْضةً للنقاش (وهذه المجموعات هي مقسومات الفقار والفقاريات الرقيقة والبرمائيَّات ملساء الجلد). ويبدو أن مجموعات البرمائيات الثلاث انفصلت عن بعضها في حقبة الحياة القديمة أو مطلع حقبة الحياة الوسطى (منذ نحو 250 مليون عام)، أي قبل انقسام قارة بانجيا العظمى وبعد فترةٍ قصيرةٍ من نشأة البرمائيات الأولى، وفي قصر هذه الفترة الوجيزة ما يُفسِّرُ ندرة الأحافير الانتقالية -نسبيًا وليس عددًا- بين البرمائيات والأسماك، ففي سجلها الأحفوري فجوات كبيرةٌ، لولا أن اكتشاف جيروباتراكس (وهو كائنٌ برمائي من مطلع العصر البرمي) في سنة 2008 بتكساس شغلَ حلقة وصلٍ مفقودة في نشأة الكثير من الضفادع الحديثة. وتوحي النسالة الجُزيئيَّة أنَّ الضفادع والسمادل انفصلت عن بعضها منذ فترةٍ أقدمَ بكثيرٍ مما يشيرُ إليه السجل الأُحفوري، فمن المعتقد الآن أن آخر سلف مشترك لسائر البرمائيات الحديثة عاش قبل 315 مليون عام، وأن مجسمات الفقار هي أوثقُ أقارب عديمات الأرجل الحالية، كما أُجريت في سنة 2005 دراسة في العلاقات الوراثية (قائمةٍ على تحليل للحمض النووي) تظهرُ نتائجها أن السمندل وعديمات الأرجل أقربُ صلةً ببعضها من صلتها بِالضفادع.

    طرأت على البرمائيات تغيُّرات عدَّة لتتكيَّف مع خروجها من الماء (حينما كانت أسماكًا لحميَّة الزعانف) إلى سطح اليابسة، من أهمها حاجتها للحركة في وسطٍ جديدٍ هو البر عوضًا عن الماء. والأكثر جدوى في الماء هو التلويح بذيلها يمينًا ويسارًا كي تدفع نفسها إلى الأمام، إلا أنَّ الحركة على الأرض مختلفة جذريًّا، فهي بِحاجةٍ إلى عمودٍ فقريٍّ وسيقانٍ وعضلاتٍ أقوى بِكثيرٍ لِرفعها إلى اليابسة ومُساعدتها في الحركة ومُطاردة الفريسة، لذا تتخلَّى البرمائيات في مرحلة بُلُوغها عن أعضاء الخط الجانبي (وهي أعضاءٌ لِلإحساس لدى الكائنات المائية) واستبدلت بها أعضاءً تستشعرُ الحواسَّ الخمس في الهواء الطلق، كما أنها طوَّرت طُرقًا جديدةً لحِفْظ حرارة جسمها بسبب تقلّبات الحرارة على اليابسة، وتطوَّرت عندها تكيّفات تساعدها على التكاثر في بيئتها الجديدة، وأما جلدها فقد تعرَّض لِلأشعة فوق البنفسجيَّة الضارَّة التي كان يمتصّها الماء، فتعدَّل جلدها ليُوفِّرَ حمايةً أفضل ويحفظَ ما في جسمها من سوائل.

    الخصائص

    تُقسم عمارة رُباعيَّات الأطراف إلى أربع طوائف من الفقاريَّات من ذوات الأربعة: الزواحف والطُيُور والثدييَّات والبرمائيَّات. أمَّا الثلاثة الأوائل فمن السلويَّات، أي الكائنات التي تضع بُيُوضها أو تنمو تلك البُيُوض داخل رحم الأُنثى، مُحاطةً بعدَّة أغشية، بعضُها منيعٌ لا يُخرق بِسهُولة. تفتقدُ البرمائيَّات الأغشية المذكورة، لِذا فهي تحتاجُ مُسطَّحاتٍ مائيَّةٍ لِتتكاثر، على أنَّ بعض أنواعها طوَّر أساليب مُختلفة لِحماية بُيُوضه أو لِتخطِّي المرحلة الشُرغُوفيَّة الدقيقة التي تتطلَّب حضن الصغار في بيئةٍ مائيَّةٍ. لا توجدُ البرمائيَّات في البحار بِاستثناء نوعٍ أو نوعين من الضفادع قاطنة المياه المُسوَّسة في مُستنقعات الأيكات الساحليَّة؛ في حين يُمكن العُثُور على سمندر أندرسون في البُحيرات المالحة بِولاية ميتشواكان المكسيكيَّة. أمَّا على البر، فيقتصرُ وُجُود البرمائيَّات على البيئات الرطبة لِحاجتها إلى الحفاظ على رُطُوبة جُلُودها. لِلبرمائيَّات المُعاصرة خصائص تشريحيَّة مُبسَّطة مُقارنةً مع أسلافها بِسبب استدامة المرحلة الشُرغُوفيَّة من حياتها، التي يُسبِّبُها اتجاهان نُشُوئيَّان: التصغُّر ومجموعٌ مُورثيّ هائل، ممَّا يمنحها مُعدَّلات أيضٍ ونُموٍّ وتطوُّرٍ أبطأ من غيرها من الفقاريَّات.

    أصغر البرمائيَّات، بل الفقاريَّات قاطبةً، هو إحدى الضفادع الشقدعيَّة قاطن غينيا الجديدة، ويُسمَّى «الضُفيدع الأماوي» (باللاتينية: Paedophryne amauensis)، وقد اكتُشف سنة 2012. يصلُ مُعدَّل طول الضُفيدع المذكور إلى 7.7 ملِّيمترات (0.30 إنشًا)، وينتمي إلى جنسٍ يضم أصغر عشر ضفادع في العالم. أمَّا أضخم البرمائيَّات الباقية فهو السَّمندر الصيني العملاق (باللاتينية: Andrias davidianus) الذي يصل طوله إلى 1.8 أمتار، لكنَّهُ يظلُّ ضئيلًا أمام أضخم برمائيٍّ بائدٍ مُكتشف، أي البرمائي التمساحي الجبلي «پريونوسوكس»، الذي وصل طوله إلى 9 أمتار، وشابه التماسيح في شكله، وعاش مُنذُ ما يُقارب 270 مليون سنة خلال أواسط العصر البرمي، في الأراضي التي تُشكِّل البرازيل المُعاصرة. أضخم الضفادع الباقية هي الضفدع الجبَّارة (باللاتينية: Conraua goliath) الذي يُمكن أن يصل طولها إلى 32 سنتيمتر (13 إنشًا) وكُتلتها إلى 3 كيلوغرامات (6.6 أرطال).

    البرمائيَّات من ذوات الدم البارد، أي أنها لا تُحافظ على حرارة أجسامها عبر العمليَّات الوظيفيَّة لِأعضائها. كما أنَّ مُعدَّلات أيضها الأساسيَّة مُنخفضة، ولِهذا فإنَّ مُتطلِّباتها الغذائيَّة محدودة. لِلبرمائيَّات البالغة قنوات دمعيَّة وجُفُونٌ مُتحرِّكة، ولِمُعظم الأنواع آذانٌ تُمكنها من تحديد الذبذبات الهوائيَّة أو الأرضيَّة. كما لها ألسنة عضليَّة قابلة لِلإبراز عند الكثير من الأنواع. لِلبرمائيَّات المُعاصرة فقرات مفصليَّة كاملة التعظُّم، وأضلُعها غالبًا ما تكون قصيرة ومُلتحمة بِالفقار. جماجمها غالبًا ما تكون قصيرة وعريضة وشبه مُتعظِّمة. وتحوي جُلُودها القليل من الكيراتين وتفتقدُ أيَّة حراشف، باستثناء بعض الحراشف القليلة الشبيهة بِحراشف السَّمك عند بعض عديمات الأرجل. ويحوي الجلد عدَّة غُدد مُخاطيَّة، وعند بعض الأنواع يحوي غُددًا سُميَّة. لِقُلُوب البرمائيَّات ثلاث حُجُرات: أُذينان وبُطين، ولها مثانة تُنتجُ فضلاتها النتروجينيَّة بِصورة بولة. مُعظم البرمائيَّات تضع بُيُوضها في الماء، حيثُ تفقسُ صغارها بِهيئةٍ شُرغُوفيَّة، وتمُرُّ بِسلسلة تغييراتٍ جُسمانيَّة حتَّى تبلغ وتُصبح قادرة على السير على البر. تتنفَّسُ البوالغ عبر استنشاق الهواء عبر مُنخريها إلى منطقة الغشاء البطني البُلعُومي، ثُمَّ يُقفل المُنخران ويُدفع الهواء إلى الرئتين عبر انقباض الحلق، وتُكمَّل العمليَّة عبر تبادل الغازات عن طريق الجلد.

    عديمات الأذيال

    تضُمُّ رُتبة عديمات الأذيال الضفادع والعلاجيم، وأفرادها غالبًا ما تتميَّز بِقائمتين خلفيتين طويلتين قابلة لِلطيِّ أسفل أجسادها، وقائمتين أماميتين أقصر منها، إضافةً إلى أصابع مُكفَّفة عديمة المخالب وعينان كبيرتان وجُلُودٌ غديَّة رطبة، وتفتقدُ أي شكلٍ من أشكال الذُيُول. أغلب أعضاء هذه الرُتبة من ذوات الجُلُود الملساء تُسمَّى ضفادع، أمَّا ذات الجُلُود الثُؤلوليَّة فتُسمَّى علاجيم، على أنَّ طريقة التمييز هذه بين الفئتين ليست مُعتمدة رسميًّا من قِبل العُلماء نظرًا لِأنَّ هُناك استثناءات كثيرة على هذه القاعدة، فهُناك بعض الضفادع الثُؤلوليَّة وبعض العلاجيم الملساء. تُعرف أعضاء الفصيلة العُلجُوميَّة (باللاتينية: Bufonidae) بِـ«العلاجيم الحقيقيَّة». تتباين أحجام الضفادع بِشكلٍ كبير، فأكبرها هي الضفدع الجبَّارة (باللاتينية: Conraua goliath) من أفريقيا الغربيَّة الذي يصل طولها إلى نحو 30 سنتيمترًا (12 إنشًا)، وأصغرها هو الضُفيدع الأماوي (باللاتينية: Paedophryne amauensis) من غينيا الجديدة، البالغ طوله نحو 7.7 ملِّيمترات (0.30 إنشًا)، والمُكتشف سنة 2012. توجد مُعظم أنواع الضفادع والعلاجيم في الموائل الطبيعيَّة الرطبة والمائيَّة، وبعضُها مُتأقلمٌ مع العيش في الأشجار والصحاري. وتنتشرُ هذه الكائنات في جميع أنحاء العالم عدا المناطق القُطبيَّة.

    يتفق جُمهُور العُلماء على تقسيم عديمات الذيل إلى ثلاث رُتيبات، على أنَّ الصلة بين بعض الفصائل ما تزال غير واضحة، ويُعوَّل على دراسات وأبحاث علم الوراثة الجُزيئي في سبيل تحديدها. تضُمُ رُتيبة الضفادع القديمة (باللاتينية: Archaeobatrachia) أربع فصائل، هي: عديمات المجرف (باللاتينية: Ascaphidae) وناريَّات البطن (باللاتينية: Bombinatoridae) والضفاجيَّات (باللاتينية: Discoglossidae) ومطعوجة المعدة (باللاتينية: Leiopelmatidae)، وهذه كُلُّها تتمتَّع بِميزاتٍ مُشتقَّة شبيهة بِبعضها، ويُحتمل أنَّها تُشكِّلُ شبه عرق مُقارنةً بِسُلالات الضفادع الأُخرى. أمَّا فصائل الضفادع الستَّ الباقية، الأكثر تطوُّرًا من الناحية النُشُوئيَّة، فتنتمي إلى رُتيبة الضفادع الوسيطة (باللاتينية: Mesobatrachia)، وهي تفصيلًا: الضفادع المُقرنة الآسيويَّة، ومجرفيَّة الأقدام القديمة (باللاتينية: Pelobatidae) والغوَّاصات القديمة (باللاتينية: Pelodytidae) ومجرفيَّة الأقدام الجديدة (باللاتينية: Scaphiopodidae) والأنفيَّات (باللاتينية: Rhinophrynidae) بالإضافة إلى عديمات اللسان (باللاتينية: Pipidae). وتتمتَّع أعضاء هذه الفصائل بِخصائص وسطيَّة بين الرُتيبتين الأُخريتين. أمَّا رُتيبة الضفادع الجديدة، فهي أضخم الرُتيبات دون مُنازع، وتضُمَّ بقيَّة فصائل الضفادع المُعاصرة، بما فيها مُعظم الأنواع الشائعة والمألوفة لِلإنسان. فحوالي 96% من أنواع الضفادع الباقية، أي حوالي 5,000 نوعٍ باقٍ، ينتمي لِلُرتيبة الأخيرة.

    ذوات الأذيال

    تضمُّ رُتبة ذوات الأذيال سمادل (جمع سمندل) الماء والسَّمادر (جمع سمندر)، وهي ليست شبيهة بِالضفادع، بل لعلَّها أقرب شبهًا ظاهريًّا بِالعظايا. لكنَّها كباقي البرمائيَّات تضعُ بُيُوضها في الماء وتبدأ شراغيفها الحياة فيه. وشبه ذوات الأذيال بِالعظايا لا يغدو كونه سمة تشكُّليَّة مُترافقة، فهي لا تقرب الزواحف بأيِّ شكلٍ من الأشكال. تفتقد السَّمادر لِلمخالب، وجُلُودها ملساء زلقة كالضفادع، فهي عديمة الحراشف، على أنَّ لِبعض الأنواع جُلُود مُحدَّبة، وذُيُولها مُفلطحة من الجانبين وغالبًا ما تكون مُزعنفة. تتراوح أحجام هذه الكائنات من تلك الضخمة كالسَّمندر الصيني العملاق (باللاتينية: Andrias davidianus) الذي قد يصل طوله إلى 1.8 أمتار، إلى تلك الضئيلة كالسَّمندر عديم الرئة الڤيراكروزي (باللاتينية: Thorius pennatulus) المقصور في وجوده على جبال ولاية ڤيراكروز في المكسيك، والذي قلَّما يتخطَّى 20 ملِّيمترًا (0.8 إنشات) في طوله. انتشارُ السَّمادر والسمادل لوراسيٌّ بِالمقام الأوَّل، فهي توجد في مُعظم الإقليم القُطبي الشامل بِنصف الكُرة الأرضيَّة الشمالي. وفصيلة السَّمادر عديمة الرئة تنتشرُ أيضًا في الأمريكتين الوُسطى والجنوبيَّة، شمال حوض الأمازون؛ ويبدو أنَّ السَّمادر والسمادل غزت أمريكا الجنوبيَّة انطلاقًا من أمريكا الوُسطى خلال أوائل العصر الميوسيني، أي مُنذُ حوالي 23 مليون سنة. يُطلقُ بعض العُلماء على جميع الأنواع الباقية من السَّمادر والسمادل «ذوات المذارق» (باللاتينية: Urodela). كثيرٌ من أنواع فصائل السَّمادر تُعاني من استدامة المرحلة الشُرغُوفيَّة، أي لا تكتمل مرحلة تطوُّرها إلى بوالغ أو تحتفظ بِبعض السمات الشُرغُوفيَّة في حياتها كبالغة. ومُعظمُ الأنواع يصلُ طولها إلى نحو 15 سنتيمترًا (6 إنشات)، وقد تكون بريَّة أو مائيَّة، وقد تُمضي شطرًا من حياتها السنويَّة في إحدى الموئلين ثُمَّ تنتقل إلى الموئل الآخر. وحينما تكون على البر تُمضي النهار مُتخفية تحت الصُخُور أو جُذُوع الخشب أو وسط النبت الكثيف، وتخرُج عند المساء أو خِلال الليل باحثةً عن الديدان والحشرات وغيرها من اللافقاريَّات.

    تضُمُّ رُتيبة السَّمادر البدائيَّة جميع الأنواع الباقية المُصنَّفة على أنها عتيقة، وهي ثلاثةُ أنواعٍ فقط: السَّمندر الصيني العملاق، والسَّمندر الياباني العملاق (باللاتينية: Andrias japonicus) والهلبندر (باللاتينية: Cryptobranchus alleganiensis) قاطن أمريكا الشماليَّة. تحتفظُ هذه السَّمادر الضخمة بِالعديد من السمات الشُرغُوفيَّة خِلال مرحلة حياتها كبالغة؛ فخياشيمها ظاهرة وعُيُونها عديمة الجُفُون. ومن سماتها المُميَّزة اقتياتها عبر الامتصاص، من خلال انقباض إحدى جانبيّ فكِّها السُفليّ. ومن ميزاتها أيضًا أنَّ الذُكُور تحفرُ أعشاشًا لها في الأرض وتجتذب الإناث إليها لِتضع فيها سلاسل من البُيُوض، فتُخصِّبها وتتولَّى حراستها. وهذه السَّمادر تتنفس عبر رئتيها وعبر طيَّات جلدها الكثيرة، الغنيَّة بالشُعيرات الدمويَّة على مقرُبةٍ من سطحها.

    تضمُّ رُتيبة السَّمندريَّات السَّمادر الحديثة أو «المُتطوِّرة»، وهي تختلفُ عن تلك البدائيَّة من حيثُ تمتُّعها بِعظامٍ قبليَّة مُنصهرةٍ بِأفكاكها السُفليَّة، وبِإخصاب بُيُوضها إخصابًا داخليًّا. وإخصاب البُيُوض يتمُّ عبر طرح الذكر كُتلتةً من المنيّ تُعرف بـِ«الحامل»، فتلتقطها الأُنثى وتُدخلها في مذرقها حيثُ يُختزن المنيّ إلى حين وضع البُيُوض. أكبر الفصائل في هذه الرُتيبة هي عديمات الرئة (باللاتينية: Plethodontidae) التي تضمُّ 60% من جميع أنواع السَّمادر. وتضمُّ الفصيلة السمندليَّة السمادل الحقيقيَّة، وأبرز فُصيلاتها السمادل المائيَّة.

    ثالث رُتيبات ذوات الأذيال هي الصفاريَّات (باللاتينية: Sirenidae)، وهي تضُمُّ أربعة أنواعٍ مائيَّة شبيهة بِالأنقليسات، ذات قوائم أماميَّة فائقة الصغر وعديمة القوائم الخلفيَّة. بعضُ سمات أعضاء هذه الرُتيبة بدائيَّة، بينما بعضُها الآخر مُتطوِّر. ويُحتمل أنَّ تخصيبها بُيُوضها يقع خارجيًّا نظرًا لِافتقاد ذُكُورها أيَّة غُددٍ ذُرقيَّة تُنتج منها المنيّ، كما تفتقدُ الإناث أيَّة جُيُوبٍ أو أوعية تختزنُه فيها. رُغم ذلك، يُلاحظ أنَّ البُيُوض توضع فُرادى، وهو سُلُوكٌ لا يتلائم مع الإخصاب الخارجيّ، بل يُوحي أنَّ الإخصاب جرى داخليًّا.

    عديمات الأرجل

    تضُمُّ رُتبة عديمات الأرجل الكائنات المعروفة بِالضفادع الثُعبانيَّة، وهي حيواناتٌ طويلة الجسد، أُسطُوانيَّة الشكل، عديمة الأطراف، ذات هيئةٍ أشبه بالأفاعي والديدان. يتراوح طول البوالغ منها بين 8 و75 سنتيمترًا (3 إلى 30 إنشًا)، باستثناء الضفدع الثُعباني لِطومسون (باللاتينية: Caecilia thompsoni) التي يُمكن أن يصل طولها إلى 150 سنتيمترًا. لِجُلُود الضفادع الثُعبانيَّة العديد من الطيَّات المُستعرضة، وبعضُ الأنواع لها حراشف مُضمَّنة. عُيُونها أوليَّة غير مُتطوِّرة، ومُغطاة بِالجلد، ويبدو أنَّ استخدامها مقصورٌ على تحديد الاختلافات المُميَّزة في شدَّة الضوء. ولها أيضًا زوجٌ من المجسَّات القصيرة قابلة المدّ قُرب أعيُنها، وغايتها التحسُّس والشَّم. مُعظم الضفادع الثُعبانيَّة تعيشُ تحت الأرض في جُحُورٍ تحفُرها بِالتُراب الرطب، أو في الأخشاب المُتعفنة، أو أسفل بقايا النباتات، على أنَّ بعض الأنواع مائيَّة. ومُعظم الأنواع تضع بُيُوضها تحت الأرض، وما أن تفقس شراغيفها حتَّى تُسرع إلى أقرب مُسطَّحٍ مائيٍّ لِتُمضي فيه هذا الشطر من حياتها. بعضُ الأنواع الأُخرى تحضنُ بُيُوضها إلى أن تفقس، وخِلال هذه الفترة تكون صغارها قد تطوَّرت وتخطَّت المرحلة الشُرغُوفيَّة. قلَّةٌ من الأنواع تضعُ صغارًا حيَّةً، وترعاها مُغذيةً إيَّاها بِإفرازاتٍ غُدديَّةٍ طيلة مُكُوثها في قناة البيض. انتشارُ الضفادع الثُعبانيَّة غُندوانيّ في المقام الأوَّل، فهي توجد في المناطق الاستوائيَّة من أفريقيا وآسيا والأمريكتين الوُسطى والجنوبيَّة.

    الأعضاء ووظائفها

    الجلد

    لِجُلُود البرمائيَّات مجموعة من الخصائص النمطيَّة المألوفة عند الفقاريَّات البريَّة، فطبقاتها الخارجيَّة كيراتينيَّة مُحصَّنة، تنسلخ دوريًّا وتُستبدل بِطبقاتٍ جديدةٍ، في عمليَّةٍ تتحكَّم بها الغُدَّتين النُخاميَّة والدُرقيَّة، ولِبعض الأنواع ثآليل في مواضع عديدة من جسدها، كما في حالة العلاجيم. والطبقة الخارجيَّة من جُلُودُ البرمائيَّات تنسلخ بشكل قطعةٍ واحدةٍ غالبًا، عكس جُلُود الثديَّيات والطُيُور التي تتقشَّر وتتساقط بِشكل رقائق صغيرة. وكثيرًا ما تأكل البرمائيَّات جُلُودها المسلوخة. عديمات الأرجل فريدةٌ بين البرمائيَّات من حيث أنها تتمتَّع بِحراشف جلديَّة مُمعدنة مُضمَّنة في أُدُماتها بين تجاعيد جلدها، وهي شبيهة بِحراشف الأسماك العظميَّة، على أنَّ هذا الشبه ظاهريّ إلى حدٍ كبير. لِلعظايا وبعض الضفادع جُلُودٌ عظميَّةٌ مُتشابهة إلى حدٍ ما، تُشكِّلُ رواسب عظميَّة في أُدُماتها، على أنَّ هذا يبقى مُجرَّد مثال على التطُّور التقارُبي حيثُ تُؤدي الظُرُوف المُشابهة التي تعيشها بعض الكائنات في بيئاتٍ مُتقاربة إلى نُشُوئها بِشكلٍ شبيهٍ.

    جُلُودُ البرمائيَّات نفَّاذيَّةٌ لِلماء، وهي تُشكِّلُ جهازًا تنفُسيًّا ثانويًّا لِهذه الكائنات، الأمر الذي يسمح لِلبوالغ منها أن تتنفَّس أثناء سباحتها دون حاجتها لِلصُعُود إلى السطح لِلاستنشاق، كما يُمكِّنُها هذا من الإسبات في قاع البرك التي تتخذها مسكنًا. تتمتَّع البرمائيَّات بِغُددٍ مُخاطيَّةٍ مُتطوِّرة يقع أغلبها في رُؤوسها وظُهُورها وأذيالها، غايتها حماية جُلُودها الدقيقة والحسَّاسة، وتُساعد إفرازات هذه الغُدد على إبقاء جُلُود البرمائيَّات رطبة. بِالإضافة إلى ذلك، تتمتَّع مُعظم أنواع البرمائيَّات بِغُددٍ حُبيبيَّةٍ تُفرزُ موادًا سامَّةً أو كريهة الطعم، وبعضُ هذه السُمُوم يُمكن أن يكون قاتلًا لِلبشر، في حين أنَّ بعضها الآخر قلَّما يكون له تأثيرٌ يُذكر. تُنتجُ الغُدد السُميَّة الرئيسيَّة، وهي النكفيَّة، سُمًّا عصبيًّا يُعرف بِالسُّم العُلجُومي (بِالإنگليزيَّة: Bufotoxin)، وتقعُ هذه الغُدد خلف آذان العلاجيم، وعلى ظُهُور الضفادع، وخلف أعيُن السَّمادر، وعلى القسم العُلُوي من أجساد الضفادع الثُعبانيَّة.

    لِلبرمائيَّات ثلاث طبقاتٍ من الخلايا الصبغيَّة تُسمَّى حاملة الصِّباغ، وهي ذات الخلايا التي تُنتجُ ألوان جُلُودها. أعمق تلك الطبقات هي «الميلانوفوريس» مُنتجة اللونين البُني والأسود، تليها طبقة «الگوانوفوريس» المُكوَّنة من الكثير من الحُبيبات المُنتجة لِطيفيّ الأزرق والأخضر، ثُمَّ طبقة «الليپوفوريس» وهي أعلى تلك الطبقات أو الطبقة السطحيَّة، وهي تُنتج اللون الأصفر. تُبدِّلُ الكثير من الأنواع ألوانها عبر إفراز هرمونات من غُددها الدُرقيَّة. ولا يتحكَّم الجهاز العصبي لِلبرمائيَّات بِخلاياها الصبغيَّة، عكس الأسماك العظميَّة، ممَّا يُؤدي إلى تبدُّل ألوانها بشكلٍ أبطأ ممَّا يحصل عند الأسماك. عادةً ما يُشير الجلد زاهي الألوان إلى أنَّ صاحبه سام، وهذه علامة تحذير لِلحيوانات المُفترسة.

    الهيكل العظمي والحركة

    الهيكل العظميّ لِلكائن البرمائي مُتنادد شأنه في ذلك شأن الهياكل العظميَّة لِبقيَّة رُباعيَّات الأطراف، على أنَّهُ يختلف عنها في بعض النواحي. فجميع البرمائيَّات ذات أطرافٍ أربعة باستثناء الضفادع الثُعبانيَّة عديمة الأطراف، كما أنَّ لِبعض أنواع السَّمادر والسمادل أطرافٌ فائقة الضآلة أو أنَّها معدومتها أيضًا. وعظام البرمائيَّات مُجوَّفة وخفيفة ومُتعظِّمة تمامًا، وجهازها العضلي الهيكلي متين وقادر على دعم رؤوسها وأجسادها. وفقراتها مُتشابكة ومُتداخلة مع بعضها، وحزامها الصدريّ مدعومٌ بِعضلةٍ متينة، ويتصل حزامها الحوضيّ بِعمودها الفقريّ بِواسطة ضلعين عجُزيين. والعظم الحُرقُفيّ عند البرمائيَّات يميلُ إلى الأمام ممَّا يجعل أجساد هذه الكائنات أكثر انبطاحًا من أجساد الثدييَّات.

    لِمُعظم البرمائيَّات أربعة أصابع على قدميها الأماميتين وخمسة على الخلفيتين، وكُل تلك الأصابع عديمة المخالب. لِبعض السَّمادر أصابع أقل عددًا، كما أنَّ لِلسمادل القنجريَّة، الشبيهة بِالأنقليس، قوائم قصيرة ومُكتنزة. ولِلسمادل الصفاريَّة المائيَّة قوائم أماميَّة حالها كحال قوائم نظيرتها القنجريَّة، بينما قوائمها الخلفيَّة معدومة. والضفادع الثُعبانيَّة عديمة الأطراف تمامًا، وهي تحفرُ الأرض بِذات أُسلوب الديدان بحيثُ تنقبضُ مجموعة من عضلاتها على طول جسمها وتدفعُها نحو الأمام لتجرُف التُربة. أمَّا زحفها على سطح الأرض وسباحتها في المياه فتحدث من خلال تمُّوجها من جهةٍ إلى أُخرى.

    القوائم الخلفيَّة لِلضفادع أطوال وأكبر من تلك الأماميَّة، وهذه سمة تظهر جليَّةً عند الأنواع التي تتنقل سباحةً أو قفزًا بِالمقام الأوَّل. أمَّا الضفادع التي تتنقل سيرًا أو جريًا فقوائمها الخلفيَّة ليست كبيرة، ولِلأنواع الحفَّارة قوائمٌ قصيرة وأجسادٌ عريضة. لِقوائم البرمائيَّات سماتٌ نُشوئيَّة تُعينها على نمط حياتها، فأصابعها مُكفَّفة لِتتمكَّن من السباحة بِفعاليَّة، وأطرافها (أي أطراف الأصابع) مُخمَّدة لاصقة لِتُساعدها على التسلُّق، ولها درنات مُتقرِّنة على قوائمها الخلفيَّة لِتُعينها على الحفر (عادةً ما تحفر الضفادع جُحُورها باستخدام قائمتيها الخلفيتين). لِمُعظم أنواع السَّمادر أطرافٌ قصيرة مُتماثلة الطول إلى حدٍ كبير، وهي تنبثقُ من جسدها مُشكِّلة زاوية قائمة. وتتحرَّكُ السَّمادر سيرًا على البر، مُحرِّكةً ذيلها من جهةٍ إلى أُخرى، وقد تستخدمه دعامةً خاصَّةً حينما تتسلَّق. وحينما تسيرُ سيرًا عاديًّا، فإنَّ كُلُّ قدمٍ من أقدامها تتحرَّك في آنٍ، وهي ذات الطريقة التي اعتمدتها أسلافها الأسماك لحميَّة الزعانف. بعضُ السَّمادر المُنتمية لِجنس المُتسلِّقات وعديمة الرئة، تتسلَّقُ الأشجار وتتمتع بِأطرافٍ متينة طويلة وخلايا ماصَّة على أطراف أصابعها وذُيُولٌ قابضة. ولِلسمادل المائيَّة وشراغيف الضفادع زعنفةً ظهريَّة وأُخرى بطنيَّة تستخدمها لِتدفع نفسها من جانبٍ إلى آخر. أمَّا البوالغ من الضفادع فلا تمتلكُ أيَّة أذيال، ولِلضفادع الثُعبانيَّة أذيالٌ بالغة القِصر.

    تستخدم السَّمادر أذيالها لِتُدافع عن نفسها، وبعضُ الأنواع ينفصلُ ذيلها عنها بحال أمسك بها مُفترسٌ منه، فتتمكَّن من النجاة بِنفسها في حين يتلهَّى الضاري بِالذيل المقطوع، وتُعرف هذه العمليَّة بِـ«الانشطار الذاتيّ». ولِبعض أنواع السَّمادر عديمة الرئة منطقةٌ ضعيفة عند قاعدة أذيالها ممَّا يسمح لها بِاللُجوء لِلطريقة سالفة الذِكر لِلنجاة بِنفسها. كثيرًا ما يستمرُّ الذيل بِالانتفاض بعد انفصاله عن باقي الجسد ممَّا يُشتت انتباه المُفترس ويسمح لِلسَّمندر بِالهُرُوب. ويعود الذيل لِلنُموِّ مُجددًا بعد فترةٍ من انقطاعه، وكذلك الحال مع جميع أطراف السَّمادر. ويُلاحظ أنَّ هذه السمة معدومة عند البوالغ من الضفادع، لكنها موجودةٌ عند شراغيفها.

    الجهاز القلبي الوعائي

    يختلفُ الجهاز القلبي الوعائي لِشراغيف البرمائيَّات عن بوالغها، ففي مرحلتها الشُرغُوفيَّة يكونُ هذا الجهاز أشبه بِذاك الخاص بِالأسماك؛ فيضُخُّ قلبها ذي الحُجرتين الدماء عبر الخياشيم حيثُ يُؤكسج (يُشبَّع بالأُكسجين) ومن ثُمَّ ينتشر حول الجسم ويعود إلى القلب في حلقةٍ واحدةٍ. وبوالغ البرمائيَّات (وبالأخص الضفادع) تفقدُ خياشيمها وتستبدلُها بِرئتين كاملتين، وقُلُوبها تتكوَّن من بُطينٍ واحدٍ وأُذينين، وعندما يبدأ البُطين بِالانقباض ، يُضخُّ الدم غير المُؤكسج عبر الجذع الرئوي إلى الرئتين. ويُؤدي الانقباض المُستمر إلى ضخِّ الدم المُؤكسج حول باقي الجسم. ويُلاحظ أنَّ احتماليَّة خلط مجريا الدم تقلُّ بسبب الطبيعة التشريحيَّة لِحُجرات القلب.

    الجهازان العصبي والحّسِّي

    يتطابق الجهاز العصبي لِلبرمائيَّات مع ذاك الخاص بِباقي الفقاريَّات، فأدمغتها هي المركز، ولها عمودٌ فقريّ، وأعصابٌ مُوزَّعة في جميع أنحاء جسدها. وأدمغةُ البرمائيَّات أقل تطوُّرًا من أدمغة الزواحف والطُيُور والثدييَّات، وهي أشبه بأدمغة السمك من حيثُ خصائصها التشكُّليَّة ووظائفها، كما يُعتقدُ أنَّ البرمائيَّات تعي الآلام وتُدركُها. تتكوُّن أدمغة البرمائيَّات من أقسامٍ مُتساويةٍ، هي المُخ والدِّماغ المُتوسِّط والمُخيخ. تُعالجُ أقسامٌ مُختلفةٌ من المُخ المدخلات الحسيَّة، كالشَّم في الفص الشمِّي والنظر في الفص البصري، وهو أيضًا مركز السُلُوك والتعلُّم. أمَّا المُخيخ فهو مركز التنسيق العضلي والنُّخاع المُستطيل وهو يتحكَّم ببعض الوظائف العُضويَّة بما فيها نبض القلب والتنفُّس. ويُرسلُ الدماغ الإشارات الحسيَّة عبر العمود الفقري والأعصاب لِتنظيم الوظائف الجسديَّة لِلبرمائيّ. يُعتقد أنَّ الغُدَّة الصنوبريَّة، المسؤولة عن تنظيم أنماط النوم عند البشر، تُفرزُ هرموناتٍ لِتنظيم الإسبات الشتوي والصيفي عند البرمائيَّات.

    تحتفظُ الشراغيف بالشكل الخطِّي الجانبي لِجهازها العصبي تمامًا كما الأسماك، وسُرعان ما تفقد هذه الميزة عندما تصلُ مرحلة البُلُوغ. لِبعض الضفادع الثُعبانيَّة مُستقبلات كهربائيَّة تُمكِّنُها من تحديد مواقع الأشياء المُحيطة بها حينما تكون مغمورة بِالمياه، والمُستقبلات المذكورة هي سمات أحيائيَّة توجد عند الكثير من الكائنات وتُمكِّنُها من الشُعُور بِالإشارات الكهربائيَّة الطبيعيَّة حولها. تتمتَّعُ الضفادع بِآذانٍ مُتطوِّرة، على أنَّها غير مكسُوَّة بِطبقةٍ خارجيَّة، فتقع الطبلة المُستديرة الضخمة على سطح الرأس خلف العين بِقليل، وهي تهتز عندما تلتقط الذبذبات الصوتيَّة وتنقُلها عبر عظم الركاب إلى الأُذُن الداخليَّة. ولا تسمعُ الضفادع إلَّا الأصوات عالية التردُّد بِهذه الطريقة، كنداءات التزاوج، أمَّا الأصوات مُنخفضة التردُّد فتشعُر بها الضفادع بِواسطة آليَّةٍ أُخرى. ففي الأُذُن الداخليَّة توجد رقعة من خلايا الشعر المُتخصِّصة قادرة على تحديد الأصوات العميقة. ومن السمات الأُخرى، التي تتميَّز بها الضفادع والسَّمادر، وجود عضوٍ خنجيّ مُجاورٌ لِلعُليبة السمعيَّة يُشعرُ الكائن بِالارتجاجات الأرضيَّة والهوائيَّة. آذانُ السَّمادر والضفادع الثُعبانيَّة أقل تطوُّرًا من تلك الخاصَّة بِالضفادع نظرًا لأنَّها لا تتواصل مع بعضها صوتيًّا كما الضفادع.

    عُيُون الشراغيف عديمة الجُفُون، لكنَّ قرنيَّتها تتخذُ شكلًا مُقببًا أثناء انتقالها إلى مرحلة البُلُوغ، كما تُصبح عدساتها أكثر تفلطُحًا، وتتطوَّر لديها جُفُونٌ مع ما يُرافقها من غُددٍ وقنواتٍ. يعتبرُ العُلماء أنَّ عُيُون البوالغ من البرمائيَّات هي نموذجٌ مُحسَّنٌ من عُيُون اللافقاريَّات، وأنَّها كانت الخُطُوة الأولى نحو تطُّور العُيُون المُتقدِّمة لِلفقاريَّات. والبرمائيَّات قادرة على الرؤية بِالألوان وعلى تحديد عُمق الصورة، وفي شبكيَّتها قُضبانٌ خُضر، تتقبل مجموعة واسعة من الأطوال الموجيَّة.

    الجهازان الهضمي والإفرازي

    كثيرٌ من البرمائيَّات تُمسكُ بِطرائدها عبر نفض لسانها الطويل ذي الطرف الدبق خارج فمها، فتلتصق به الطريدة ثُمَّ تسحبه مُجددًا وتقبض على الفريسة بِفكِّها. بعضُ الأنواع تلجأ إلى التغذِّي بِالقُصُور الذاتي، فتدفع رأسها إلى الأمام ممَّا يُقحم الطريدة في ثغرها فتبتلعها. مُعظمُ البرمائيَّات تبتلعُ طرائدها كاملةً دون أن تعبأ بِمضغها كثيرًا، ولِهذا يُلاحظ أنَّ معداتها ضخمة. مريء البرمائيَّات قصيرٌ مُبطَّن بِأهدابٍ تُعينها على تحريك طعامها إلى معدته

    Source: wikipedia.org