He has (275) books in the library, Total download and read (172,449)
توفيق الحكيم (1315 هـ / 9 أكتوبر 1898م - 1407 هـ / 26 يوليو 1987)، ولد في الإسكندرية وتوفي في القاهرة. كاتب وأديب مصري، من رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية ومن الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث، كانت للطريقة التي استقبل بها الشارع الأدبي العربي إنتاجاته الفنية، بين اعتباره نجاحاً عظيماً تارة وإخفاقا كبيرا تارة أخرى، الأثر الأعظم على تبلور خصوصية تأثير أدب توفيق الحكيم وفكره على أجيال متعاقبة من الأدباء، وكانت مسرحيته المشهورة أهل الكهف في عام 1933 حدثاً هاماً في الدراما العربية فقد كانت تلك المسرحية بدايةً لنشوء تيار مسرحي عرف بالمسرح الذهني. بالرغم من الإنتاج الغزير لتوفيق الحكيم فإنه لم يكتب إلا عدداً قليلاً من المسرحيات التي يمكن تمثيلها على خشبة المسرح فمعظم مسرحياته من النوع الذي كُتب ليُقرأ فيكتشف القارئ من خلاله عالماً من الدلائل والرموز التي يمكن إسقاطها على الواقع في سهولة لتسهم في تقديم رؤية نقدية للحياة والمجتمع تتسم بقدر كبير من العمق والوعي
سمي تياره المسرحي بالمسرح الذهني لصعوبة تجسيده في عمل مسرحي وكان توفيق الحكيم يدرك ذلك جيداً حيث قال في إحدى اللقاءات الصحفية : "إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز، لهذا اتسعت الهوة بيني وبين خشبة المسرح ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة. كان الحكيم أول مؤلف استلهم في أعماله المسرحية موضوعات مستمدة من التراث المصري وقد استلهم هذا التراث عبر عصوره المختلفة، سواء أكانت فرعونية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية لكن بعض النقاد اتهموه بأن له ما وصفوه بميول فرعونية وخاصة بعد روايته عودة الروح.
أرسله والده إلى فرنسا ليبتعد عن المسرح ويتفرغ لدراسة القانون، ولكنه وخلال إقامته في باريس لمدة 3 سنوات اطلع على فنون المسرح الذي كان شُغله الشاغل؛ واكتشف الحكيم حقيقة أن الثقافة المسرحية الأوروبية بأكملها أسست على أصول المسرح اليوناني، فقام بدراسة المسرح اليوناني القديم كما اطلع على الأساطير والملاحم اليونانية العظيمة. عندما قرأ توفيق الحكيم أن بعض لاعبي كرة القدم دون العشرين يقبضون ملايين الجنيهات قال عبارته المشهورة: "انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم؛ لقد أخذ هذا اللاعب في سنة واحدة ما لم يأخذه كل أدباء مصر من أيام إخناتون".
عاصر الحربين العالميتين 1914 - 1939. وعاصر عمالقة الأدب في تلك الفترة مثل مصطفى صادق الرافعي وطه حسين والعقاد وأحمد أمين وسلامة موسى. وعمالقة الشعر مثل أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وعمالقة الموسيقى مثل سيد درويش وزكريا أحمد والقصبجي، وعمالقة المسرح المصري مثل جورج أبيض ويوسف وهبي والريحاني. كما عاصر فترة انحطاط الثقافة المصرية (حسب رأيه) في الفترة الممتدة بين الحرب العالمية الثانية وقيام ثورة يوليو 1939 - 1952. هذه المرحلة التي وصفها في مقال له بصحيفة أخبار اليوم بالعصر "الشكوكي"، وذلك نسبة محمود شكوكو.
نشأته
ولد توفيق إسماعيل الحكيم بالإسكندرية عام 1897 لأب مصري من أصل ريفي يعمل في سلك القضاء في مدينة الدلنجات بمحافظة البحيرة، وكان يعد من أثرياء الفلاحين، ولأم تركية أرستقراطية كانت ابنة لأحد الضباط الأتراك المتقاعدين لكنَ هناك من يقدم تاريخاً آخر لولادته وذلك حسب ما أورده الدكتور إسماعيل أدهم والدكتور إبراهيم ناجي في دراستهما عن توفيق الحكيم حيث أرَّخا تاريخ مولده عام 1903م بضاحية الرمل في مدينة الإسكندرية. كانت والدته سيدة متفاخرة لأنها من أصل تركي، وكانت تقيم العوائق بين توفيق الحكيم وأهله من الفلاحين، فكانت تعزله عنهم وعن أترابه من الأطفال وتمنعهم من الوصول إليه، ولعل ذلك ما جعله يستدير إلى عالمه العقلي الداخلي. عندما بلغ السابعة من عمره التحق بمدرسة دمنهور الابتدائية حتى انتهى من تعليمه الابتدائي سنة 1915 ثم ألحقه أبوه بمدرسة حكومية في محافظة البحيرة حيث أنهى الدراسة الثانوية ، ثم انتقل إلى القاهرة مع أعمامه، لمواصلة الدراسة الثانوية في مدرسة محمد علي الثانوية، بسبب عدم وجود مدرسة ثانوية في منطقته. وفي هذه الفترة وقع في غرام جارة له، ولكن لم تكن النهاية لطيفة عليه. أتاح له هذا البعد عن عائلته نوعاً من الحرية فأخذ يهتم بنواحٍ لم يتيسر له العناية بها إلى جانب أمه كالموسيقى والتمثيل ولقد وجد في تردده على فرقة جورج أبيض ما يرضي ميوله الفنية للانجذاب إلى المسرح.
في عام 1919م مع الثورة المصرية شارك مع أعمامه في المظاهرات وقبض عليهم واعتقلوا بسجن القلعة. إلا أن والده استطاع نقله إلى المستشفى العسكري إلى أن أفرج عنه. عاد عام 1920 إلى الدراسة وحصل على شهادة الباكالوريا عام 1921م. ثم انضم إلى كلية الحقوق بسبب رغبة أبيه ليتخرج منها عام 1925م، التحق توفيق الحكيم بعد ذلك بمكتب أحد المحامين المشهورين، فعمل محامياً متدربا لفترة زمنية قصيرة، ونتيجة لاتصالات عائلته بأشخاص ذوي نفوذ، تمكن والده من الحصول على دعم أحد المسؤولين في إيفاده في بعثة دراسية إلى باريس لمتابعة دراساته العليا في جامعتها قصد الحصول على شهادة الدكتوراه في الحقوق والعودة للتدريس في إحدى الجامعات المصرية الناشئة؛ فغادر إلى باريس لنيل شهادة الدكتوراه (1925م - 1928م). وفي باريس، كان يزور متاحف اللوفر وقاعات السينما والمسرح، واكتسب من خلال ذلك ثقافة أدبية وفنية واسعة إذ اطلع على الأدب العالمي وفي مقدمته اليوناني والفرنسي.
انصرف عن دراسة القانون، واتجه إلى الأدب المسرحي والقصص، وتردد على المسارح الفرنسية ودار الأوبرا، فاستدعاه والداه في سنة 1927 أي بعد ثلاث سنوات فقط من إقامته هناك، وعاد الحكيم صفر اليدين من الشهادة التي أوفد من أجل الحصول عليها. عاد سنة 1928 إلى مصر ليعمل وكيلاً للنائب العام سنة 1930، في المحاكم المختلطة بالإسكندرية ثم في المحاكم الأهلية. وفي سنة 1934 انتقل إلى وزارة المعارف ليعمل مفتشاً للتحقيقات، ثم نقل مديراً لإدارة الموسيقى والمسرح بالوزارة عام 1937، ثم إلى وزارة الشؤون الاجتماعية ليعمل مديرا لمصلحة الإرشاد الاجتماعي. استقال في سنة 1944، ليعود ثانية إلى الوظيفة الحكومية سنة 1954 مديرا لدار الكتب المصرية. وفي نفس السنة انتخب عضواً عاملاً بمجمع اللغة العربية وفي عام 1956 عيّن عضوا متفرغا في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بدرجة وكيل وزارة. وفي سنة 1959 عيّن كمندوب مصر بمنظمة اليونسكو في باريس. ثم عاد إلى القاهرة في أوائل سنة 1960 إلى موقعه في المجلس الأعلى للفنون والآداب. عمل بعدها مستشاراً بجريدة الأهرام ثم عضواً بمجلس إدارتها في عام 1971.
أسلوب كتابة الحكيم
مزج توفيق الحكيم بين الرمزية والواقعية علي نحو فريد يتميز بالخيال والعمق دون تعقيد أو غموض. وأصبح هذا الاتجاه هو الذي يكون مسرحيات الحكيم بذلك المزاج الخاص والأسلوب المتميز الذي عرف به. ويتميز الرمز في أدب توفيق الحكيم بالوضوح وعدم المبالغة في الإغلاق أو الإغراق في الغموض؛ ففي أسطورة إيزيس التي استوحاها من كتاب الموتى فإن أشلاء أوزوريس الحية في الأسطورة هي مصر المتقطعة الأوصال التي تنتظر من يوحدها ويجمع أبناءها علي هدف واحد. و(عودة الروح) هي الشرارة التي أوقدتها الثورة المصرية، وهو في هذه القصة يعمد إلي دمج تاريخ حياته في الطفولة والصبا بتاريخ مصر، فيجمع بين الواقعية والرمزية معا على نحو جديد، وتتجلي مقدرة الحكيم الفنية في قدرته الفائقة على الإبداع وابتكار الشخصيات وتوظيف الأسطورة والتاريخ على نحو يتميز بالبراعة والإتقان، ويكشف عن مهارة تمرس وحسن اختيار للقالب الفني الذي يصب فيه إبداعه، سواء في القصة أو المسرحية، بالإضافة إلي تنوع مستويات الحوار لديه بما يناسب كل شخصية من شخصياته، ويتفق مع مستواها الفكري والاجتماعي؛ وهو ما يشهد بتمكنه ووعيه. ويمتاز أسلوب توفيق الحكيم بالدقة والتكثيف الشديد وحشد المعاني والدلالات والقدرة الفائقة علي التصوير؛ فهو يصف في جمل قليلة ما قد لا يبلغه غيره في صفحات طوال، سواء كان ذلك في رواياته أو مسرحياته. ويعتني الحكيم عناية فائقة بدقة تصوير المشاهد، وحيوية تجسيد الحركة، ووصف الجوانب الشعورية والانفعالات النفسية بعمق وإيحاء شديدين.
مرت كتابات الحكيم بثلاث مراحل حتى بلغ مرحلة النضج، وهي:
وهي التي شهدت الفترة الأولى من تجربته في الكتابة، وكانت عباراته فيها لا تزال قليلة، واتسمت بشيء من الاضطراب حتى إنها لتبدو أحيانا مهلهلة فضفاضة إلى حد كبير، ومن ثم فقد لجأ فيها إلى اقتباس كثير من التعبيرات السائرة لأداء المعاني التي تجول في ذهنه، وهو ما جعل أسلوبه يشوبه القصور وعدم النضج. وفي هذه المرحلة كتب مسرحية أهل الكهف، وقصة عصفور من الشرق، وعودة الروح.
حاول في هذه المرحلة العمل على مطاوعة الألفاظ للمعاني، وإيجاد التطابق بين المعاني في عالمها الذهني المجرد والألفاظ التي تعبر عنها من اللغة. ويلاحظ عليها أنها تمت بشيء من التدرج، وسارت متنامية نحو التمكن من الأداة اللغوية والإمساك بناصية التعبير الجيد. وهذه المرحلة تمثلها مسرحيات شهرزاد، والخروج من الجنة، ورصاصة في القلب، والزمار.
هي مرحلة تطور الكتابة الفنية عند الحكيم والتي عكست قدرته على صياغة الأفكار والمعاني بصورة جيدة. وخلال تلك المرحلة ظهرت العديد من مسرحياته مثل سر المنتحرة، نهر الجنون، وبراكسا، وسلطان الظلام.
المصدر: ويكيبيديا الموسوعة الحرة برخصة المشاع الإبداعي