[137] رجل الكهف: ليس هذا فحسب، بل إن أدمغتنا لم تتطور لتعيش ضمن مجموعات كبيرة من الأشخاص. إن التجمعات البشرية التي تضم آلاف الأشخاص هي مجموعات حديثة جدا في تاريخ جنسنا، فما بالك بالتجمعات التي تضم الملايين منهم. هذا وإن الفرد يعيش اليوم . هذا وإن الفرد يعيش اليوم ضمن مجموعة هي من الكبر لتشمل سكان العالم كله، الذي يفوق اليوم السبعة مليارات يتفاعلون جمعيا مع بعضهم البعض بطريقة أو بأخرى. هذا أمر لا نستطيع مطلقا الاحتكام إلى دماغنا البشري في تسييره. وما الركون إلى أدمغتنا القاصرة عن التعامل بشكل جيد مع أعداد ضخمة من الشركاء، إلا السبب المباشر لتاريخنا الدموي كجنس بشري. وهذا هو بالضبط ما لعب عليه ثواليث القمع تاريخيا. وبديهي أن الركون إلى ما يمكن للعقل قبوله، هو أسهل بما لا يقاس من محاولة كبح ما يدفعنا إليه. وهكذا تمكن ثواليث القمع من جعلنا بشرا أنانيين، عنصريين، كارهين للغير. في الواقع هم قاموا فقط بتغذية ما برمجت الطبيعة أدمغتنا عليه
(419) رجل الكهف وثاني العوامل هو وسائل الإعلام التي روجت، لهذه الصورة النمطية عن المثقف، كي تنفر الناس منه. ألا تذكر أنهم يروجون لمن صعد البرج على أنه مجنون ؟ لذا فهي تصوره في الحكايات والمسلسلات والأفلام إنسانا معقدا منفصلا عن الواقع. لا يعرف كيف يتكلم مع الناس، وإن كلمهم فهو يكلمهم بلغة لا يفهمونها . لا يفهم أحدا، ولا أحد يفهمه. يضع نظارات سميكة، لا يهتم بهندامه ولا بمظهره. ممتعض عابس الوجه، معوز. يشرب القهوة دائما دون سكر، يدخن التبغ بشراهة أو يكره التدخين فتلقف الناس هذه الصورة وتقمصها بعضهم فاعتبروا أنفسهم مثقفين، واعتبرهم الناس كذلك. والجدير بالملاحظة أن ذلك الذي يريد ثالوث القمع عرضه على الرعايا ليأخذوا منه ،ثقافتهم، يعرضه عليهم في وسائل الإعلام بحلة أنيقة دبلوماسيا، وفا كاريزما جذابة، تماما بعكس تلك الصورة المقيتة.
687رجل الكهف: يمكنني القول: هو شخص قد حرر نفسه من سلطة ثالوث القمع على الصعيدين / المادي والفكري. واتخذ من طرحه للأسئلة في مختلف المجالات الثقافية، وبمختلف المستويات العميقة " والشمولية وبحثه عن إجابات لها هواية يمارسها بشكل دائم مدى حياته، ولا يقبل بأي مداهنات أو إجابات جزئية أو ضبابية، كما لا يقبل أن يتم شراؤه أو توجيهه، بل هو يتبع الأدلة أينما أخذته يتواضع تام، وحيادية عن غرائزه وأهواءه. يجب أن يكون شغله الشاغل إنارة الطريق للرعايا، وأن تكون رسالته تلك أثمن ما يملك، وبالتالي فهو مستعد للوقوف بوجه ثالوث القمع بكل صلابة إن دعت الضرورة، ولو اضطر أن يتحمل التعذيب والقتل من أجل رسالته تلك.
724 "التغيير الثقافي لا يمكن أن يكون إلا تراكميا، حتى يُبنى على أساس صلب، لكن معظم الناس يفشلون في التنوير لأنهم يعتقدون أنهم في اللحظة التي يكتبون فيها مقالا، أو ينشرون منشورا، أو يلقون محاضرة، أو يؤلفون كتابا فإن العالم سيتغير فورا بسبب جهدهم هذا. وهذا غير واقعي. إن الدور المحوري، للمثقفين، فريد من نوعه، وهو أصعب المهام التي يمكن أن تناط بإنسان. لكن ما من طريق آخر لمساعدة البشرية في عدم خسارة الكثير كمجتمع بشري، إلا بأن تكون هناك خسارة كبيرة في صف هؤلاء المُخَلِّصين."
فإن أردت شرح التطور للناس بقولك :
" إن أول حياة قد برزت على الأرض قبل 3.7 مليار سنة ، واحتاج الأمر حتى 1.2 مليار سنة خلت ليتطور التكاثر الجنسي " فيستحيل عليهم استيعاب كم أن الفارق الزمني بين هذين الرقمين محول جدا . ومع ذلك فتتابعين لتقولي لهم : " إن أولى الفقاريات قد ظهرت فقط قبل 500 مليون سنة " ، فأيضا لن يفهموا كم أن الزمن كبير جدا بين هذه وسابقتها . وتتابعين الشرح لتقولي : " إن تلك الفقاريات لم تخرج من الماء لتستعمر اليابسة الا قبل 365 مليون سنة من الآن فقط . وإن الثدييات احتاجت قرابة 165 مليون عام بعد ذلك ، لتظهر فقط قبل 200 مليون سنة من الآن كقوارض صغيرة الحجم . وإن أول الرئيسيات منها لم يظهر إلا بعد ب 115 مليون سنة ، أي قبل 85 مليون سنة من اليوم . والذي تابع مسيرته التطورية ، من حجم صغير كالسنجاب تقريبا ، لمدة 50 مليون سنة ، حتى يصل لأولى القردة ، فقط قبل 35 مليـون عام من الآن . ولينتظر بعدها أكثر من 30 مليون سنة ، ليتمكن أحد ذريتـه مـن المشي . منتصبا على قدمين ، قبل 4.4 مليون سنة خلت من الآن . وأن عليه الانتظار بدوره وهو يتطور ببطء مدة 2.6 مليون سنة ، ليبدأ الإنسان المنتصب أول هجرة كبرى له خارجا من إفريقيا قبل 1.8 مليون سنة . وأن على سلالته بدورها الانتظار مليـون عام ونصف المليون بعد ذلك ليظهر أول إنسان عاقـل قبـل حوالي 300 ألف سنة فقط من الآن ، والذي بدوره احتاج معظم تلك السنوات تقريبا ليفكر في بناء أول مدينة له قبل بضعة آلاف من السنين من الآن فحسب ، ليقف عندها صائحا بأعلى صوته في وجه الكون كله قائلا : أنا ربكم الأعلى ! "
فإن الأمر لن يفهم في أدمغتهم إلا كقصة عادية مثل قصص ما قبـل النوم ، لذا فهم سيستخفون فيه .
[228] رجل الكهف: انظر ما قاله نيكولاي بوخارين وأوجين بريوبرا جنسكي في كتابها "ألف باء الشيوعية": " ومن بين وسائل القمع الفكري التي تملكها الدولة الرأسمالية، ثلاث تستحق الذكر: المدارس الرسمية والكنيسة الرسمية والصحافة الرسمية أو شبه الرسمية. البرجوازية تدرك تماما أنها لا تستطيع السيطرة على الجماهير الكادحة بواسطة العنف الخالص. يجب السيطرة على عقل العمال، حتى كأنه في شباك العنكبوت. الدولة البرجوازية تنظر إلى العمال وكأنهم دواب تكدح. ويجب على هذه البهائم أن تعمل ولكن بشرط ألا تعض لهذا السبب لا يمكن الاكتفاء بضرب هذه البهائم أو قتلها إذا حاولت أن تعض وإنما تدريبها وترويضها أيضا، تماما كما تروّض الحيوانات المفترسة على يد المدربين بنفس الطريقة، تملك الدولة الرأسمالية مدربين وظيفتهم أن يخدروا ويدجنوا البروليتاريا. وهؤلاء هم الأساتذة والمعلمون والإكليروس والكتاب والصحفيون البرجوازيـون. في مدارس الدولة يتولى هؤلاء الاختصاصيون تعليم الأطفال منذ الصغر إطاعة رأس المال والنفور من «المتمردين». وهكذا تُحشى أدمغة الأطفال بالخرافات عن الثورة والحركة الثورية. ويمجدون الأباطرة والملوك وكبار الصناعيين. وفي الكنائس، يبشر القساوسة الذين يتلقون مرتباتهم من الدولة بأن الله هو مصدر كل السلطات. ويوما بعد يوم، تردد الصحف البرجوازية هذه الأكاذيب بينما تعمد الدولة الرأسمالية إلى منع الصحافة العمالية في معظم الحالات... الدولة البرجوازية باختصار، ترمي إلى تثقيف العمال بحيث يشبهون الحيوانات الداجنة التي تعمل كالأحصنة وترتضى بأقل قدر ممكن من الغذاء." وإني إذ أقتبس هذا بحرفتيه، إلا أنني لا أريد حصر - نفسي بها. بل إني أرمي إلى الإشارة إلى أن ما ذكر فيه، هي استراتيجيات يستخدمها ثواليث القمع على اختلاف أشكالهم ، وإن لم يكن جناحهم الاقتصادي موسوما بالرأسمالية المقيتة والديني موسوما بالمسيحية فثواليث القمع موجودة بمختلف الأشكال والألوان. وما نماذجها المتنوعة عنا ببعيدة. فعليك، لكي تكون أكثر موضوعية وشمولية، وأقل تحيزا
وقصورا، استبدال المفردات الملائمة ب "ثالوث القمع" والأخرى الملائمة ب "الرعايا".
لقد قلت لك أن إدراكنا للواقع محكوم بأدراك ادمغتنا له ، بكلمات أخرى محكوم بما تريد لنا أدمغتنا أن نراه فى هذا الواقع ، وما من أنسان يستطيع أن يمضى فى حياته دون أن يكون معتقداً انها حياة جيدة تستحق ان تعاش ........
فليست الوقائع هى من يحكم نظرتنا للحياة بل مايريد دماغنا أن نرى ونفهم منها .
تقوم الثقافة المنقولة كذلك على أساس من الآليات النفسية المتطورة التي تحدد ما هي الأفكار التي تكون موضع اهتمام، وترميزها واستعادتها من الذاكرة، ونقلها إلى الأفرد الآخرين. وكما استنتجه بت ريتشاردسون وروب بويد “لا شيء مما يخص الثقافة يكتسب معنى إلا على ضوء التطور” صــ 798
يمكن تَوَقُّع أن يقوم علم النفس التطوري في نهاية المطاف بإذابة هذه الحدود المذهبية التقليدية. إذ لا يمكن تجزئة الكائنات البشرية بشكل واضح إلى عناصر خفية من مثل الشخصية، الاجتماعي، النمائي والمعرفي. فلقد أُتْبِعَت الفروق الفردية المستقرة تقليديًا إلى فروع شخصية، إلا أنها غالبًا ما تضمنت توجهات اجتماعية، وكان لها سوابق نمائية خاصة، كما أنها منغرسة في آليات معرفية خاصة. ولقد اعتبر التفاعل الاجتماعي والتبادلية تقليديًا بأنهما يمتّان إلى علم النفس الاجتماعي. إلا أن الآليات الكامنة وراءهما تتمثل في أدوات معالجة المعلومات ذات المسارات النمائية. كانت التغيرات السريعة التي تحدث أثناء البلوغ تشكل دائرة النفوذ التقليدية لعلماء نفس النمو. إلا أن الأفراد يتفاوتون في بداية البلوغ، كما أن العديد من أكثر التغيرات أهمية خلال البلوغ هي اجتماعية. إنّ العديد من الحدود المذهبية التقليدية من منظور علم النفس التطوري، ليست اعتباطية فقط، بل هي مضللة، ومعيقة للتقدم العلمي. إنها تتضمن حدودًا تفصم الآليات بأساليب اعتباطية وغير طبيعية. بينما توفر دراسة السيكولوجية البشرية من خلال المشكلات التكيفية وحلولها – مما يمثل المبدأ الناظم لهذا الكتاب – وسائلًا أكثر طبيعية “لربط الطبيعة عند مفاصلها” ، وبالتالي اختراق الحدود المذهبية الراهنة. صــ 802، 803.
نحن بحاجة لملفات تعريف الارتباط لكي يعمل هذا الموقع. يرجى تمكينها للمتابعة.
نحن نظهر لك هذه الرسالة لأننا نحترم خصوصيتك.
بإستخدامك هذا الموقع أنت توافق لنا على جمع ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لتقديم تجربة مستخدم أفضل،
المزيد من التفاصيل.
لا يمكن تصفح الموقع طالما رفضت استخدام الكوكيز لأن الموقع يعتمد عليه بشكل أساسي للعمل