البردة الشريفة (3,284 كتاب)
اذا لم تجد ما تبحث عنه يمكنك استخدام كلمات أكثر دقة.
البردة الشريفة هي بردة النبي محمد، والتي كان يلبسها خلفاء الدولة العباسية من بعده في المواكب والأعياد. والبُردة كساء يُلتحف به.
صفتها
قال ابن الأثير في صفتها أنّها كانت «شملة (وهو لباس يُتَغَطَّى به ويُتَلَفَّف به) مخططة، وقيل كساء أسود مربّع فيه صغر». وذكر أحمد بن حنبل عن عروة بن الزبير: «أن ثوب رسول الله الذي كان يخرج فيه للوفد رداء حضرمي طوله أربعة أذرع، وعرضه ذراعان وشبر».
وصولها للعباسيين
اختلف علماء التاريخ في كيفية وصول بردة النبي محمد إلى خلفاء الدولة العباسية وذلك بسبب وجود بردتين للنبي تركهما بعد وفاته، فاختلفوا في التي صارت لخلفاء الدولة العباسية. فحكى الماورديّ عن أبان بن تغلب أن النبيّ محمد كان قد وهبها لكعب بن زهير حين امتدحه بقصيدته المُسماة بالبردة، فاشتراها منه معاوية بن أبي سفيان. وفي رواية أخرى أن كعبًا لم يسمح ببيعها لمعاوية، وقال: «لم أكن لأوثر بثوب رسول الله أحدًا». فلما مات كعب اشتراها معاوية من ورثته بعشرة آلاف درهم، وورثها خلفاء الدولة العباسية من بعده. وأكثر المؤرخين على هذا الرأي.
والرأي الآخر ذكره الماوردي وابن كثير والذهبي أنّ هذه البردة كان النبيّ محمد أعطاها لأهل أيلة مع كتابه الذي كتب لهم أمانًا لهم، فاشتراه أبو العباس السفاح (أوّل خلفاء الدولة العباسية) بثلاثمائة دينار. وقيل بل أخذها من أهل أيلة عبد الله بن خالد بن أبي أوفى وهو عامل من قبل مروان بن محمد (آخر خلفاء الدولة الأموية) وبعث بها إليه، وكانت في خزانته حتّى أخذت بعد قتله. قال السيوطي: «قلت فكانت التي اشتراها معاوية فُقدت عند زوال دولة بني أمية»، وقال الكرماني: «وقيل كُفّن فيها معاوية».
مصيرها
بقيت بردة النبي محمد عند خلفاء الدولة العباسية في بغداد إلى أن انتزعها السلطان سنجر السّلجوقيّ من الخليفة المسترشد بالله، ثم أعادها إلى الخليفة المقتفي لأمر الله عند ولايته في سنة 535 هـ. فبقيت بعدها في خزائن العباسيين إلى حين نهاية الدولة العباسية سنة 656 هـ على يد المغول. وذكر السيوطي بأنّ البردة كانت مع الخليفة المقتدر بالله حين قُتل سنة 320 هـ، وتلوثت بالدم.
وفي ذكر فقدان البردة، ذكر القرماني أن هولاكو لما غزا بغداد سنة 656 هـ خرج إليه الخليفة المستعصم بالله وعليه البردة مع جمع من العلماء والأعيان بغية مصالحة هولاكو، إلا أنه غدر به وقتله، وأخذ منه البردة وجعلها في طبق من نحاس وأحرقها وذرّ رمادها في نهر دجلة. قال السيوطي: «وأظن أنها فُقدت (أي البردة) في فتنة التتار فإنّا لله وإنا إليه راجعون».
في العصر الحالي
في العصر الحديث يُوجد بردة سوداء اللون منسوبة للنبي محمد محفوظة في صندوق من ذهب ضمن الأمانات المقدّسة والموجودة في متحف الباب العالي في أسطنبول، والتي ذكر القرماني في كتابه "أخبار الدول" بأنّ البردة التي كانت عند العباسيين هي بردة أيلة لا بردة كعب، وقال: «أن بردة كعب أظن أنّها التي وصلت لسلاطين آل عثمان، فهي اليوم يتباركون بها ويسقون ماءها لمن به ألم فيبرأ بإذن الله». واتخذ لها السلطان مراد خان صندوقًا من ذهب فوضعه فيها.
كما يُوجد بردة أخرى صفراء اللون محفوظة في "جامع البردة الشريفة" أو "مسجد الخرقة الشريفة" في أسطنبول تُعرض للزوّار في شهر رمضان من كل عام. والتي يُروى بأنّها البردة التي أوصى بها النبي محمد للتابعي أويس القرني. وقد تعرّض بعض أجزاء البُردة للتلف بسبب طريقة الحفظ التي كانت متبعة، وهو ما دفع المشرفين عليها لترميمها وحفظها بوسائل حديثة، وقد اكتشف المرمّمون خلوّ البردة من أي نوع من الميكروبات عكس عمامة وحزام أويس القرني رغم حفظها جميعًا في الصندوق نفسه.
المصدر: ويكيبيديا الموسوعة الحرة برخصة المشاع الإبداعي