أبو الأسود الدؤلي (9,418 كتاب)
اذا لم تجد ما تبحث عنه يمكنك استخدام كلمات أكثر دقة.
أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي الكناني (16 ق.هـ/69 هـ)، من ساداتِ التابعين وأعيانِهم وفقهائهم وشعرائهم ومحدِّثيهم ومن الدهاة حاضرِي الجواب وهو كذلك عالم نحوي وأول واضع لعلم النحو في اللغة العربية وشكّل أحرف المصحف، وضع النقاط على الأحرف العربية بأمر من الإمام علي بن أبي طالب، وِلد قبل بعثة النبي محمد وآمن به لكنه لم يره فهو معدود في طبقات التابعين وصَحِب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي ولاه إمارة البصرة في خلافته، وشهد معه وقعة صفين والجمل ومحاربة الخوارج. ويُلقب بِلقب ملك النحو لوضعه علم النحو، فهو أول من ضبط قواعد النحو، فوضع باب الفاعل، المفعول به، المضاف وحروف النصب والرفع والجر والجزم، وكانت مساهماته في تأسيس النحو الأساس الذي تكوَّن منه لاحقاً المذهب البصري في النحو. وقد وصفه الذهبي في ترجمته له في كتابه «سير أعلام النبلاء» بقوله: «كان من وجوه شيعة علي، ومن أكملهم عقلاً ورأيًا، وكان معدودًا في الفقهاء، والشعراء، والمحدثين، والأشراف، والفرسان، والأمراء، والدهاة، والنحاة، والحاضري الجواب، والشيعة، والبخلاء، والصُلع الأشراف ».
نشأته
ولد أبو الأسود الدؤلي قبل الهجرة النبوية بست عشرة سنة، وقد اختُلف في اسمه ونسبه فقيل اسمه ظالم بن عمرو بن ظالم، وقيل ظالم بن عمرو بن سفيان، وقيل عثمان بن عمرو، وقيل عمرو بن ظالم وقيل عمرو بن سفيان، وقيل عويمر بن ظويلم. أما نسبه فقيل هو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حلس بن نفاثة بن عدي بن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وقيل ظالم بن عمرو بن سليمان بن عمرو بن حلس بن نفاثة بن عدي بن الدؤل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. كنيته أبو الأسود، وقد طغت كنيته على اسمه فاشتهر بها، علمًا بأنه لم يكن ذا بشرة سوداء، وليس له ولد اسمه أسود. وقد رضي أبو الأسود لنفسه هذه الكنية، لأن اسمه (ظالم) ثقيل على السمع، مع أنه يتنافى مع مكانته الاجتماعية وكونه قاضياً يتصف بالعدل، فأبعد اسمه عن نفسه حتى لا يؤثر على المظلوم. والدته هي: الطويلة من بني عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، العبدرية القرشية.
حياته في الإسلام
أسلم أبو الأسود الدؤلي في حياة النبي محمد، ولم يلقه على الرغم من أنه أدركه فهو من المخضرمين وليس من الصحابة، إلا أنه ورد المدينة المنورة، وسمع من بعضهم، وكان قومه بنو الدئل بن بكر حلفاء لقريش ضمن عقد صلح الحديبية وهم الذين عدوا على خزاعة وكان ذلك سبب فتح مكة من قبل النبي محمد.
من المعروف أن أبا الأسود ولِد وأسلم قبل وفاة النبي وقد كان يعيش مع قومه بني الدئل جنوب مكة المكرمة فلم يدخل المدينة إلا بعد وفاة النبي وقد نهل فيها من العلم الشرعي حيثُ أخذ الحديث عن عدد من الصحابة منهم الخليفة عمر بن الخطاب. وقال أبو عمرو الداني: قرأ القرآن على عثمان، وعلي. قرأ عليه ولده أبو حرب ونصر بن عاصم الليثي، وحمران بن أعين، ويحيى بن يعمر.
هاجر إلى البصرة بعد الفتح في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وسكن فيها وله بِها مسجد باسمه، وقد حصلت له بالبصرة حوادث مع بني قشير من هوازن مِنها أنه قال لهم: "ما في العرب أحب إليَّ طول بقاء منكم". قالوا:"ولِمَ ذاك؟" قال:"لأنكم إذا ركبتُم أمراً علمتُ إنه غيٌ فأجتنبه وإذا اجتنبتم أمراً علمتُ أنهُ رشدٌ فأتبعه".
تولى عدداً من المناصب بِالبصرة في خلافة عمر بن الخطاب وخلافة عثمان بن عفان، ولما قامت الفتنة، كان أبو الأسود في شيعة علي بن أبي طالب، وقاتل معه في موقعة الجمل. وقد ولاه علي قضاء البصرة في ولاية عبد الله بن عباس على البصرة، وقد استخلفه ابن عباس على البصرة لما ذهب ليحضر التحكيم بعد موقعة صفين، وأقر علي بن أبي طالب ذلك.
حياته الحربية
ساهم أبو الأسود مع علي بن أبي طالب في كثير من الحوادث والمعارك التي حدثت أيام خلافة الأخير، فاشترك في صفين والجمل ومحاربة الخوارج كما يؤكد ذلك المؤرخون. أما الحروب التي شارك فيها فهي:
مناصرته لعلي بن أبي طالب
صَرح بأن أبا الأسود الدؤلي كان من شيعة وأتباع علي بن أبي طالب كل من كتب عنه، ففي الأنباء: «وكان أبو الأسود من المتحققين بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومحبته وصحبته ومحبة ولده »، وغيرها. بعد مقتل علي، أوذي أبو الأسود لمحبته علي، إلا أنه حين وفد على معاوية بن أبي سفيان أدنى مجلسه وأعظم جائزته. كما كان مقربًا من الوالي زياد بن أبيه الذي عهد إليه بتأديب ولده عبيد الله.
وضعه لعلم النحو
كان أبو الأسود مشهورًا بالفصاحة وقد قال عن نفسه: «إني لأجد للحن غمزا كغمز اللحم»، وقد أجمع المؤرخون واللغويون على أن أبا الأسود الدؤلي أول من وضع علم النحو، فقال محمد بن سلام الجمحي: «أبو الأسود هو أول من وضع باب الفاعل والمفعول والمضاف، وحرف الرفع والنصب والجر والجزم، فأخذ ذلك عنه يحيى بن يَعْمَر »، وقال أبُو عَلِي القَالِيُّ: «حدثنا أبو إسحاق الزجاج، حدثنا أبو العباس المبرد، قال: أول من وضع العربية ونقط المصاحف أبو الأسود على أنه أول من وضع علم النحو ».
وبهذا، فإن تأسيس علم النحو يعد أعظم أعمال أبي الأسود الدؤلي، وقد استفاد أبو الأسود من علمه بقراءة القرآن الذي عرضه على عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وروى القراءة عنه ابنه أبو حرب ويحيى بن يعمر ونصر بن عاصم الليثي. وقد اختلفت الأقاويل في سبب وضعه للنحو، فقيل أنه وضعه بأمر من علي بن أبي طالب، لما سمع أخطاء غير العرب في نطق اللغة، فأراه أبو الأسود ما وضع، فقال علي: «ما أحسن هذا النحو الذي نحوت »، فمن ثم سُميّ النحو نحوًا. وقال يعقوب الحضرمي: «حدثنا سعيد بن سلم الباهلي، حدثنا أبي، عن جدي، عن أبي الأسود قال: دخلت على عليّ، فرأيته مطرقا، فقلت: فيم تتفكر يا أمير المؤمنين ؟ قال: سمعت ببلدكم لحنا فأردت أن أضع كتابا في أصول العربية. فقلت: إن فعلت هذا، أحييتنا. فأتيته بعد أيام، فألقى إليَّ صحيفة فيها: الكلام كله اسم، وفعل، وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل، ثم قال لي: زده وتتبعه، فجمعت أشياء ثم عرضتها عليه ». وقيل أن أبا الأسود سمع رجلاً يقرأ آية وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ بكسر كلمة «رَسُولُهُ» بدلاً من ضمّها مما يغير معنى الآية، وتفيد بأن الله يبرأ من رسوله، فانطلق أبو الأسود لوقته إلى الأمير وقتها زياد بن أبيه، وقصّ عليه ما سمع، وسأله أن يدفع له كاتبًا ليضع كتابًا في اللغة، فأتى به فقال له أبو الأسود: «إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة أعلاه، وإذا رأيتني قد ضممت فمي، فانقط نقطة بين يدي الحرف، وإن كسرت، فانقط نقطة تحت الحرف، فإذا أتبعت شيئًا من ذلك غُنّة فاجعل مكان النقطة نقطتين »، فكان هذا نهج أبي الأسود في تشكيل الحروف، لذا فهو يعد أول من نقط المصاحف، وأخذ عنه هذا النحو عنبسة الفيل. وكان أول ما وضع أبو الأسود أبواب الفاعل والمفعول والمضاف، وحروف الرفع والنصب والجر والجزم.
المصدر: ويكيبيديا الموسوعة الحرة برخصة المشاع الإبداعي