اذا لم تجد ما تبحث عنه يمكنك استخدام كلمات أكثر دقة.
عثر باحثون على بقايا متفحمة لخبز في موقد حجري بشمال شرق الأردن، تبين أنه الأقدم في العالم حيث أُعد قبل أكثر من 14 ألف عام، أي قبل ما يزيد عن أربعة آلاف عام من اكتشاف الزراعة. وشكل هذا الاكتشاف دافعا للعلماء إلى البحث عن علاقة ارتباط بين إنتاج الخبز ونشأة الزراعة.
ظهر الخبز غذاء للإنسان منذ عام 8000 ق.م. لقد أدخل الإنسان البدائي الحبوب في النظام الغذائي عندما بدأ يستقر لزراعة القمح الأولي وهو من أولى الزراعات التي قام بها الإنسان. من المرجح أن يكون المزج بين تلك الحبوب المبللة وطحنها بشكل خشن بواسطة بعض الأحجار لتصبح كالعصيدة قد ظهر بمحض الصدفة بتعريضها لإحدى مصادر الحرارة: من الممكن أن تكون قد تعرضت للهب النار أو أنها كانت مجرد عجينة سائلة مبعثرة معرضة للشمس فوق الأحجار. هذه العجينة أصبحت متماسكة وصالحة للأكل وهكذا ظهر الخبز في بادئ الأمر. واليوم من السهل إيجاد عمليات زراعية مطابقة لتلك التي كانت تقوم بها القبائل في أفريقيا. وهذا الخبز الأولي يمكن أن يكون قد نَتج عن المزج بين العصيدة والكعكة والذي بقي موجوداً على مدار العديد من القرون وكان الخبز أول الأمر يعد بسهولة فهو لم يكن يحتوي على الخميرة وكان يطهى على نيران بمكان مفتوح أو على أسطح ساخنة. في بعض الحالات كان يتم إنبات الحبوب ثم يتم بعد ذلك تجفيفها قبل طحنها واستطاعت هذه الطريقة الوصول إلى مصر وأصبحت تُستخدم في أولى طرق تخمير الخبز. والتخمير ليس فقط عملية تتم لإعطاء حجم للخبز ولكن أيضاً لإضافة الطعم له.
والأمر غير المثير للدهشة هو أن الحبوب غير القابلة للهضم كانت تُطحن باستخدام الأحجار وتبلل بشكل ما من أجل الحصول على غذاء قابل للهضم. وكانت هذه الطريقة هي الأقدم. فقد تم العثور على بعض الحفريات التي تدل على تطبيق هذا النشاط.
ويؤكد بعض الباحثين أن الخبز كان قد صُنع لأول مرة في وسط أسيا، ثم وصل إلى البحر الأبيض المتوسط عن طريق بلاد ما بين النهرين ومصر بفضل وجود العلاقات التجارية بين أسيا وأوروبا عن طريق سوريا. فاختيار أنواع الحبوب المستخدمة هو ما أدى إلى ظهور العديد من أنواع الخبز المعروفة اليوم. وكانت أقدم الأنواع تُصنع من الشعير.
لم يكن من السهل صناعة الخبز المخمر من دقيق الشوفان أوالشعير أوالذرة بسبب قلة محتوى الغلوتين (القمح الحالي يحتوي على حوالي 12%)والنشأ. والغلوتين هو مجموعة من البروتينات التي تتكون في مرحلة تخمير العجين عن طريق تكون شبكة تمنع هروب أوخروج الغازات. يقوم النشأ أيضاً بحبس تلك الغازات لكن الغلوتين يحفظها بشكل أكبر، لهذا من الممكن أن تكون عملية التخمير بدأت باستخدام القمح أو الشعير (العجين الوحيد القادر على منع تسرب ثاني أكسيد الكربون). من الممكن أن يكون التخمير ثاني معلم في تأريخ الخبز: فهو يجعل الخبز أخف أو بالأحرى أقل كثافة بسبب وجود الغازات في العجين بشكل يعطيه طعما ألذ. يعود الخبز الكعكة الذي ظهر في العديد من الحضارات إلى العصر الحجري حين كانت الحبوب تشكل أساس النظام الغذائي للإنسان. بعض أنواع هذا الخبز مازالت موجودة حتى الآن ومن السهل إيجادها في أجزاء من الأرض مثل اللافاش الأرمني والبيتا الشرق أوسطي والروتي الهندي والإنجيرا الإثيوبي وخبز التورتيا في أمريكا اللاتينية. يؤكد بعض الباحثين أنه في تأريخ الغذاء البشري فإن الحبوب المطحونة من الممكن أن تكون قريبة للإنسان منذ البدايات.
وقد بدأ أحد الأشخاص في إحدى أجزاء سومر أوفي بلاد ما بين النهرين في عام 6000 ق.م. بإعداد الخبز مثل هذا الذي نراه اليوم. فكانوا يستخدمون الرماد من أجل تسوية الخبز. قام السومريون أثناء فترة حكم جمدة نصر بتعليم المصريين طريقة طهي الخبز. ثم تبنى المصريون هذه المعرفة وأخذوا ينظمون ويحسنون عملية الزراعة إلى أن أصبح عنصراً غذائياً لا يُمكن الاستغناء عنه في المجتمع.