اذا لم تجد ما تبحث عنه يمكنك استخدام كلمات أكثر دقة.
عراق المنشية (بالإنجليزية: Iraq al-Manshiyya) هي قرية فلسطينية مهجَّرة كانت تابعة لقضاء المجدل-عسقلان "حسب الوثائق الانتدابية الإنجليزية"، وتبعد عن مدينة غزة حوالي 32 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي. وتضاريس عراق المنشية هي عبارة عن مجموعة من التلال المتموجة، بالإضافة إلى اختراق هذه التلال عدداً من الوديان ومن أشهرها وادي فتالة وهو أحد الروافد الرئيسية لوادي المحور القادم من الفالوجة. تميل الأراضي في عراق المنشية إلى الارتفاع كلما أتجهنا نحو الشرق باتجاه أراضي قضاء الخليل وتميل إلى الانخفاض والاستواء كلما اتجهنا نحو الغرب وتصبح ساحلية بمعنى الكلمة لأنها تكون على الأطراف الشرقية للسهل الساحلي الفلسطيني، وترتفع 125 م عن سطح البحر، بلغت مساحة أراضيها 17,901 كم مربع، ويحيط بها من الشمال قرية زيتا قضاء الخليل ومن الغرب قرية الفالوجة ومن الجنوب فطاطة وأراضي عشيرة الوحيدات الجبارات في قضاء بير السبع ومن الشرق بيت جبرين قضاء الخليل، وتعد قرية عراق المنشية من أواخر القرى التي سقطت بيد العصابات الصهيونية بعد عام كامل من عام النكبة وظلت صامدة حتى شهر آذار/مارس من عام 1949 تحت القصف والدمار بفضل المتطوعيين من القرية والجيش المصري والمتطوعين السودانيين، حيث قامت العصابات الصهيونية المسلحة بعد اتفاقية رودس بهدم القرية وتشريد أهلها البالغ عددهم عام 1949 حوالي 2332 نسمة، وعلى أنقاضها أقام الصهاينة مستعمرة كريات جات التي تعد اضخم مدن الاحتلال الصناعية في هذه الايام.
تقول الرواية الشفوية بالإجماع إننا ورثنا هذا الاسم عراق المنشية عن الأباء والاجداد وأن عراق المنشية مكون من مقطعين الأول عراق وهذا اسم قديم والثاني المنشية فهو محدث وكان يطلق عليها اسم عراق في سنة 1596.
أما أهل اللغة فقد عرفوا كلمة عراق أنها تطلق على المناطق القريبة من شط البحر أو شط النهر وكذلك سفح أو جرف الجبل أو التل أو الجبل الصغير أما أهل فلسطين فيطلقون كلمة عراق على المنطقة الصخرية الظاهرة بين الحقول والبساتين وأحياناً تكون ملساء وكلمة المنشية اصطلاح معروف يطلق على المنشأ الجديد أو موقع هام في القرية أو المدينة وأكثر من منطقة أحدثت في فلسطين أطلق عليها اسم المنشية مثل منشية يافا وعكا وصفد والناصرة وجنين أما قرى فلسطين والتي تبدأ بكلمة عراق هي : عراق المنشية وعراق سويدان وعراق التايه وعراق الشباب.
أما الوثائق العثمانية تفيد أنه في القرن السادس عشر الميلادي كان في سنجق غزة ثلاث قرى اسمها عراق وهي:
وبناء على الوثائق العثمانية والخرائط القديمة واستشارة المؤرخ الدكتور كمال عبد الفتاح تبين لنا أن قرية عراق الهتيم وقرية عراق حالا هما متلاصقتان، وتقريباً في نهاية القرن الثامن عشرالميلادي توحدت القريتان وأطلق عليهما اسم قرية عراق المنشية.
في أواخر القرن التاسع عشر كانت قرية عراق المنشية مبنية بالطوب وتحيط بها الأراضي الزراعية، وكان القرية تأخذ الشكل الدائري.
في موقع فريد تقع عراق المنشية حيث تلتقي ثلاث أقضية فلسطينية حول جسمها وهي قضاء الخليل وقضاء بئر السبع وقضاء غزة. هذا التمازج أكسب القرية ميزة الجمع الفريدة بين بيئة الجبل والساحل متمثلة في جبال الخليل وسهول الساحل الغربي الفلسطيني وصحراء النقب، وتقع القرية على بعد (32)كيلو متراً من مدينة غزة، وتبعد عن مدينة يافا المحتلة (تل ابيب) ما يقارب (56) كيلو متراً و (43) كيلومتراً من بئر السبع و (68) كم من مدينة القدس، ترتفع (125) متراً عن سطح البحر وهي إلى الشمال الشرقي منه.
وقد اكتسب موقع عراق المنشية أهمية لوقوعها على الطريق الموصل بين الخليل وغزة وكذلك لوقوعها على مفترق طرق وهي طريق بئر السبع المتجهة جنوباً وطريق الفالوجة المتجهة غرباً، وطريق الخليل المتجهة شرقاً ومن ثم إلى الطريق الشمالي المؤدي إلى أسدود.
وكذلك اكتسبت أهمية لمرور خط سكة الحديد من أراضيها والذي كان يربط بئر السبع بشمال البلاد الفلسطينية.
كانت فلسطين آهلة بالسكان في عصور ما قبل التاريخ، وقد تعرضت في أواخر الألف الرابع وأوائل الألف الثالث قبل الميلاد لموجات عربية سامية كبيرة وهي الموجة المعروفة باسم (الأمورية. الكنعانية) والتي تعاظم أمرها قبل عام 2500 قبل الميلاد، نزل الأموريون داخل بلاد الشام وجنوبها واستوطن الكنعانيون ساحلها وجنوبها الغربي.
وقد كانت لهم حضارة معروفة ومشهود لها وعليه فإن الكنعانيين دخلوا بلادنا وهم متقدمين في المدينة فأخذوا يتابعون نشاطهم ويمارسون حضارتهم على نطاق واسع في وطنهم الجديد وقد كان الكنعانيون يقسمون إلى عدة قبائل ومنها:
شعوب البحر، فهم: بيليست ( peleset )، أو بلستي، الذين ذكروا في العهد القديم باسم الفلسطينيين : وهم قوم أتوا من جزيرة كريت، فسكنوا غزّة وجوارها، وتوالت هجراتهم من كريت إلى فلسطين، حيث امتلكوا الساحل الفلسطيني حتى جبل الكرمل، ووصلوا شرقاً إلى رؤوس الجبال الشرقية في فلسطين. ويضيف مصطفى مراد الدبّاغ، أنّه كانت مدن الفلسطينيين المهمّة، خمسة مدن، هي: غزّة، وعسقلان وأسدود وعقرون، وجت (عراق المنشية)، كذلك مدينة يبنة شمالي أسدود. وكان حاكم المدينة، يلقب بلقب سيرين ( Seren )، كذلك مدينة اللُّد، ومدينة صقلاغ التي كانت تقوم في تل خويلفة على بعد 25 كم، شمال شرق بئر السبع. ويُعتقد أنهم، أي الفلسطينيين، هم من علّم الفينيقيين، مجموعة من الخبرات البحرية، وللفلسطينيين أثر كبير في المدنيّة الكنعانية، حيث كانوا يتقنون صناعة الحديد، وأقدم الآثار الحديدية، عُثر عليها في تلّ الفارعة، وتل جمّة، ومجدّو. ومن أبطال الفلسطينيين، جوليات ( Goliath )، الذي ولد في جت "عراق المنشية"، و أخيش ( Achich )، هو ملك جت "عراق المنشية".
عراق المنشية (هي مدينة جت الكنعانية ) جاء في موسوعة بلادنا فلسطين للمؤرخ الفلسطيني مصطفى مراد الدباغ، في الجزء الثامن بالديار الغزية صفحة 230 فقرة صغيرة نذكرها حرفياً وهي : (وقريتنا هذه تقوم على البقعة التي كانت بلدة "جت" الكنعانية، سكنها في بادئ أمرها "العناقيون" ولما نزل الفلسطينيون، الأتون من كريت، هذه الناجية من بلادنا كانت "جت" إحدى مدنهم الخمس العظيمة وهي جت وغزة وعاقر وأسدود وعسقلان، وقد ولد فيها "جالوت.جليات" الجبار الفلسطيني).
وقد دارت على هذه البلدة نكبات من الزمن فقد هدمها اليهود في عهد ملكهم "عزيا" في القرن التاسع قبل لميلاد وضربوها ضربة قاضية.
والظاهر أنها في أوائل العهد المسيحي عادت للظهور ولكنها قرية متواضعة حملت اسمها القديم: جت، ولم يدم ذلك طويلاً إذ لم نسمع لها اسماً في عهد الفتوح العربية والإسلامية ولا في أيام الحروب الصليبية.
وفي عام 2012 م عثر على كنز في عراق المنشية يعود للعهد البيزنطي، حيث يحتوي الكنز على قطع نقدية، ومجوهرات نادرة، وخواتم مرصعة بالأحجار الكريمة من الفترة البيزنطية. وقال إميل الجم الباحث الإسرائيلي المسؤول عن الحفريات الخاصة بالتنقيب عن الآثار: يعود الكنز لفترة القيصر نيرون "حارق روما" والقيصر فتريانوس، حيث حكما في الفترة 54 - 117 بعد الميلاد.وأضاف: تحمل القطع النقدية الذهبية صور القيصرين كما كان مألوفا في بيوت صك العملة وقتها ولجانبها رموز إخوة المقاتلين وآلهة اليونان.
قلنا أن الوثائق العثمانية تشير أن عراق الهيتم (حاتم) وعراق حالا هما قريتان متلاصقتان وتوحدتا مع خرب أخرى وأطلق عليها قرية عراق المنشية واعتقد أيضاً بوجود أكثر من قرية أو خربة ضمت إلى عراق المنشية مثل خربة الجديدة والتي هي اليوم إحدى خرب عراق المنشية وكانت في القرن السادس عشر لها وجود ومن القرى المشهورة. وللأهمية أن عدد أرباب الأسر الدافعة لضريبة الزراعة عام 1596 م - 1597 م لقرى عراق حالا وعراق الهيتم (حاتم) وخربة الجديدة وهم اليوم ضمن اسم قرية عراق المنشية وذلك من كتاب جغرافية فلسطين وشمال الأردن وجنوب سوريا للمؤلف الكبير الدكتور كمال عبد الفتاح وزميله هيتروت :
أنشئ خان على تل الشيخ أحمد العريني في 717 هجري (1317-1318)م، في عهد السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون، تاسع سلاطين المماليك البحرية، هذا وفقاً للنقوش على جانبي مدخل مقام الشيخ أحمد العريني.
من المعروف أن قضاء غزة في نهاية الحكم العثماني قسم إلى مركز وناحيتين وكان المركز مدينة غزة ويتبعه (15) قرية والنواحي هي : خان يونس والمجدل، وقرية عراق المنشية كانت تتبع ناحية المجدل مع (18) قرية وهي : الفالوجة، كراتيا، حليقات، حتا، صميل، جسير، بعلين، عراق المنشية، تل الترمس، ذنبه (إذنبه)، التينة، ياسور، المسمية الكبير، المسمية الصغيرة، قسطينة، جلدية، بيار تعبيا.
في أواخر العهد العثماني تأسست محطة للسكك الحديدية بالقرب من القرية، ومع ذلك، تم تدمير هذه المحطة في الحرب العالمية الأولى
تعم معظم أنحاء العالم الإسلامي شبكة واسعة من القبور والأضرحة المقدسة والقباب، حتّى غدا عدد الأضرحة في بعض الأقطار بما لا يقل عن عدد المدن والقرى. ومثلها مثل أي قرية كانت عراق المنشية تضم في جعبتها بعض القبور للمقامات والضراحة إليكم قائمة بها.
مقام الشيخ أحمد العريني موجود على قمة التل الذي سمي باسمه ويرتفع ما قارب 32 م وكان الضريح يتألف من الجدران المكشوفة المصنوعة من كتل حجرية، ويقع المدخل في منتصف الجدار الشمالي، فوق المدخل كان الرخام في حين كان على جانب الباب النقوش وعلى الجدار الجنوبي كان المحراب المقعر العميق.
احد الاولياء الصالحين والذي كان وقتها الناس تتقرب اليه بالعطايا والهدايا وكان موقعه في متنصف القرية بجانب المسجد.
حسب خريطة فلسطين ووثائق الانتداب البريطاني عام 1945 فإن مساحة عراق المنشية (17901) دونم، ويحدها من الشمال قرية زيتا قضاء الخليل ومن الغرب قرية الفالوجة ومن الجنوب فطاطة وأراضي عشيرة الوحيدات الجبارات في قضاء بئر السبع ومن الشرق بيت جبرين قضاء الخليل.
لالتقاء أقدم سلسلة جبال الضفة الغربية وبالتحديد أقدم جبال الخليل مع الأطراف الشرقية للسهل الساحلي الفلسطيني مع الأطراف الشمالية للنقب الشمالي شكل هذا الوضع مجموعات من التلال المتموجة ولذلك فإن تضاريس عراق المنشية هي عبارة عن مجموعة من التلال المتموجة ويعد تل العريني أشهرها، بالإضافة إلى اختراق هذه التلال عدداً من الوديان ومن أشهرها وادي فتالة وهو أحد الروافد الرئيسية لوادي المحور القادم من الفالوجة وتميل الأراضي في عراق المنشية إلى الارتفاع كلما أتجهنا نحو الشرق باتجاه أراضي قضاء الخليل وتميل إلى الانخفاض والاستواء كلما اتجهنا نحو الغرب وتصبح ساحلية بمعنى الكلمة لأنها تكون على الأطراف الشرقية للسهل الساحلي الفلسطيني.
بسبب وقوع قرية عراق المنشية في الوسط الغربي لفلسطين ولوقوعها على الأطراف الشرقية للسهل الساحلي الفلسطيني، فإن مناخها حار نسبياً في الصيف مع قليل من الرطوبة، وماطر معتدل شتاءً، وتمتاز بأمطار غزيرة دافئة نسبياً بسبب الرياح الجنوبية الغربية التي تهب من البحر الأبيض المتوسط الحاملة للرطوبة والماء وعند اصطدامها بالأرض فإنها تتمدد وترتفع وتبرد وتتكاثف قطرات الماء فتتساقط أمطاراً غزيرة ويتميز الشتاء بشكل عام بالدفء، فقد تتساقط حبات البرد بالرغم من دفء الجو في ذلك البلد شتاءً. وأن كمية الأمطار التي تسقط تكون كافية لنمو كافة أنواع المزروعات وبخاصة الأشجار المثمرة مثل اللوز والعنب والتين والمشمش والزيتون وغيرها وكذلك القمح والشعير وكافة أنواع الحبوب والبقوليات بالإضافة إلى السمسم.
وقد كان لوقوع عراق المنشية عند أقدام جبال الخليل أثر كبير في كثرة الينابيع والآبار لا سيما على طول التقاء السهل بالجبل، وعمق آبارها بين (15 و 22) متر، هذه الينابيع والآبار الارتوازية مياهها غزيرة عذبة وكان قسم كبير يذهب سدى دون أن يستغل في الزراعة المروية جيدا.
ولبَركة هذه الأرض كان الناس في القرية لا يحفرون عميقا، فتخرج المياه العذبة والغزيرة ومن أشهر تلك الآبار :
وهناك الكثير من الآبار والينابيع الأقل شهرة، وعن السؤال عن كيفية استخراج تلك المياه من هذه الآبار أجاب سكان البلدة بأنه كان يستعمل الطريقة التقليدية وهو استعمال الدواب كالبغال والأبقار كأسلوب للسقاية، حيث كانت الدواب تدور حول هذه السواقي وتستخرج منها المياه وخاصة للزراعة.
تقع القرية ضمن السهول الداخلية وهي المناطق شبه الرطبة وتسود فيها التربة الرسوبية، وتنتشر هذه التربة في السهول الداخلية والأشرطة المحيطة بهوامش الشفا وتتكون من الطمي ويميل لونها إلى البني وتتصف بالعمق والقوام الناعم الطفلي وهي ذات جودة وإنتاج عاليين حيث تتجدد قوتها وطاقتها الانتاجية.
بتجدد عناصرها والمواد المكونة لها، وذلك نتيجة نقل السيول والأمطار للمياه الجارية للمواد الرسوبية الناعمة من المرتفعات المحيطة، أو المطلة على السهول والمدخنات كل سنة.
أراضي القرية سهلية وتربتها طينية صالحة للزراعة ولذلك فهي صالحة للزراعة التي كانت تعتمد على مياه الأمطار. وكان السكان يعملون على الأغلب في الزراعة فيزرعون الحبوب والعنب والكثير من أصناف الأشجار المثمرة (مثل الزيتون واللوز) وبيارات الحمضيات، وكانت الزراعة بعلية في معظمها ولا سيما على طول خط تماس السهل بالسفوح الغربية.
تتبع هذه القرية بعض الخرب ومن أهمها :
كانت القرية كغيرها من القرى الفلسطينية تحوي في داخلها مجموعة من الآثار التي تثبت وتدل على أن هذه الأرض فلسطينية كنعانية منذ آلاف السنين ولتدحض أكاذيب العدو الصهيوني وزيف أقوالها حول أن الأرض لهم. ومن هذه الآثار.
ومنذ احتلال القرية من العدو الصهيوني في العام 1949م بدأ بتغيير وتدمير كل ما فيها وليمحوا كل الآثار فقد غيَّر اسمها ليصبح (كريات جات) بدل عراق المنشية، ثم دمَّر بيوت القرية وأقام مكانها المستوطنات ومصانع السكر والحديد.
ولكن بقيت بعض الآثار قائمة برغم الزمن مثل التل، ووادي البلدة وبعض بيارات البرتقال والعنب، ومنطقة صغيرة كان قد زرع فيها الصبر وأشجار الجميز وبعض القبور لأهل البلدة.
كان هناك في العهد العثماني مسجد واحد في عراق المنشية ولا يعرف متى تم بناؤه وقد وسع على عدة مراحل.
وبني مسجد جديد في القرية كان يعتبر من أجمل مساجد المنطقة وأوسعها وهذا الجامع هو ملحق بزاوية للمتصوفين وقد أشترك في إنشاؤه المجلس الإسلامي الأعلى واتباع الشيخ خير الدين الشريف والشيخ حسن القواسمي وهم من مشايخ الطرق الصوفية في المنطقة.
وفي عراق المنشية عدد من المقامات مثل مقام أبي الدرداء ومقام الشيخ أحمد العريني بالإضافة إلى مقامات الأربعين الذين شاركوا مع عمرو بن العاص في الفتوحات الإسلامية ضد الروم.
من خطباء وأئمة المساجد في كل من مسجد أبوسل القديم والزاوية المسجد الجديد عرف كل من :
ومن الأئمة أيضا
ولأهمية عراق المنشية فقد كان الواعظ الديني لمنطقة غزة الشيخ فهمي الأغا يزور القرية كثيرا خصوصا بين أعوام 1935 م إلى 1938 م وكان يسر المسجد الذي ذكره في كتاباته من خلال جولاته الوعظية في قرى غزة إذ قال : ( إنه مسجد في غاية الإتقان )، ومن الوعاظ أيضاً الذين زاروا القرية الشيخ شعبان أفندي صبح واعظ قضاء بئر السبع وزار القرية أكثر من مرة في عام 1936 م.
بدأ التعليم في عراق المنشية منذ العهد العثماني وخصوصا في الزاوية التابعة لطرق الصوفية على شكل كتاب (الكتاتيب) وبقي الحال كذلك حتى عام 1934 م عندما تأسست مدرسة ابتدائية وكان في القرية أكثر من شيخ يدرس الكتاب قبل افتتاح المدرسة وكانت عراق المنشية مشهورة بين القرى في من يلم بالقراءة والكتابة في نهاية العهد العثماني والانتداب البريطاني وقال المؤرخ مصطفى الدباغ في موسوعته أنه في القرية (294) رجلاً ملمون بالقراءة والكتابة وكان عدد من أبناء عراق المنشية حملة شهادات من الأزهر الشريف في القاهرة وعندما افتتحت المدرسة عام 1934 م بلغ عدد طلابها (80) يوزعون على ستة صفوف ثلاثة يعلمهم أربعة معلمين تدفع القرية عمالة ثلاثة منهم وفي عام 1945 م وصل عدد طلاب المدرسة (201) ومن المدرسين الذي هم من اهل القرية منذ تأسيس المدرسة 1934 م حتى عام النكبة :
ومن أساتذة مدرسة القرية أيضا :
جاء في كتاب ملكية الأراضي في متصرفية القدس 1858 م - 1918 م للمؤرخ الدكتور أمين مسعود أبو بكر أن بيوت قرية عراق المنشية عام 1871 م (114) بيت معمور، وفي عام 1905 م حسب الوثائق العثمانية (126) بيت معمور وفي عام 1931 م أصبحت البيوت المعمورة (299) بيت وقبل تهجيرهم في الأول من آذار عام 1949 م كانت البيوت المعمورة في القرية (517) بيت.
كان عدد أهالي عراق المنشية قبل تهجيرهم من قريتهم عام النكبة (2332) نسمة موزعين إلى العائلات التالية:
عشيرة الطيطي (وبطونها)، عشيرة الجوابرة (وبطونها)، عائلة أبوسل، عائلة أبو محيسن، عائلة البدوي، عائلة أبو داود، عائلة أبو ريا، عائلة أبو عريش، عائلة أبومحفوظ، عائلة أبوهشهش، عائلة أبو وردة، عائلة البطحيشي، عائلة البلاصي، عائلة الجعافرة (الجعفري)، عائلة الجنازرة، عائلة الجندي، عائلة الحمامي، عائلة الراعي، عائلة الشريف، عائلة الطرشا، عائلة العطار، عائلة العفيفي، عائلة العيساوي، عائلة القريقي، عائلة المزين، عائلة المعيوي، عائلة ثلجي، عائلة حبوش، عائلة دخان، عائلة سمور، عائلة شعفوط، عائلة عايش، عائلة عقيل، عائلة مقبل، عائلة نصار، عائلة الجبر، عائلة صلاح، عائلة أبو خيران، عائلة الجابري، عائلة عوكل، عائلة عبد العاطي.
وكان أهالي عراق المنشية من طبقة ذات مستوى واحد ويعود ذلك إلى العقلاء من كبار السن، كونوا وحدة واحدة متعاونين في الأفراح والأتراح واحترام الكبير.
الشعب الفلسطيني هو شعب عربي يعيش أو كان يعيش في فلسطين التاريخية بشكل طبيعي قبل بدء الهجرات الصهيونية الحديثة، وجميع نسله من بعده. وهو جزءٌ ممن يُطلق عليهم تسمية "شوام"، حيث تشكل فلسطين الجزء الجنوبي من بلاد الشام. أكثر من نصفهم بقليل يعيش كلاجئ خارج حدود فلسطين التاريخية، أما الجزء الآخر فهم يعيشون داخل حدودها، ولكن ليس بالضرورة في بلداتهم الأصلية، فنسبة كبيرة منهم أيضاً لاجئون. عراق المنشية يعود نسب افراد عائلة الطيطي، إلى الخليط العجيب ال تتميز به منطقة بلاد الشام بالعموم وعلى الاخص منطقة فلسطين، حيث يعود نسب عائلة الطيطي إلى قديم الازل عندما كانوا يسكنون قرية عراق المنشية قبل اتحادها بين عراق الهتيم (حاتم) وعراق حالا، ويعود نسبهم الحقيقي إلى تزواج الكنعاني مع اليونانين وظهر هذا جلياً إلى تفاوت واضح بين الالوان البشرة والعيون وطول اجسامهم، كان افراد عائلة الطيطي يسكنون في قرية عراق المنشية قبيل نكبة الشعب الفلسطيني وبعد النكبة والتطهير العرقي الذي حصل للقرية لجئو إلى مخيم العروب والفوار في منطقة الخليل وبعد النكسة انتقل اغلبهم إلى الأردن لاجئين مسجلين لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في مناطق تجمع جديدة وكان اضخمها في اربد وبالتحديد مخيم اربد ومخيمات أخرى مثل مخيم حطين ومخيم سوف ومخيم البقعة والوحدات ( عن المؤرخ شاكر الطيطي )
كان في الغالب في عراق المنشية مختاران في البلدة وكان مركز المختار (لقب) مهماً ومهامه كثيرة منها الرسمية والشعبية بالإضافة إلى الإصلاح بين الناس وبيته كان مجمعاً وملتقى رجالات البلدة بالإضافة إلى أنه هو المسؤول عن الوفيات والمواليد وهو الشاهد الأول على عملية عقود الزواج ومن المخاتير :
المختار يونس أدعيس الطيطي، المختار خالد حمدان الطيطي، المختار عبد الله صافي حمدان الطيطي، والمختار أحمد حمدان الطيطي، والمختار جبرين خليل حمدان الجوابرة، المختار نجيب مصطفى حماد البدوي، المختار أحمد يوسف نمر الجوابرة، المختار عبد الفتاح أحمد يوسف الجابري.
الديوان أو المضافة أو مقاعد الرجال أو الساحات يطلق عليها اسم حارة وخصوصا عند العشاير وهذه الحارات من الأمكنة التي يتواجد فيها الرجال بصورة دائمة ومن حارات أو دواوين عراق المنشية :
حارة (ديوان) عشيرة الطيطي، حارة (ديوان) عشيرة الجوابرة، حارة (ديوان) عشيرة أبو محيسن، حارة (ديوان) عشيرة أبوسل، حارة (ديوان) عشيرة البدوي. ولهذه الحارات والدواوين دور في اجتماع العائلات والحمايل وهي مأوى الضيف وعابر السبيل وتقام فيها الأفراح والأتراح والصلح العشائري وقبل الرحيل كبرت القرية وكثرت الدواوين.
كان السوق في القرية هو عبارة عن عدة بقالات صغيرة وبسيطة تحتوي على الأساسيات الضرورية من سكر وأرز وسمن وشاي والحلاوة والحلقوم وغيره من الأساسيات الضرورية والبسيطة في نفس الوقت كان في عراق المنشية عدد من تجار القبان وهم تجار القمح والشعير والكرسنة والسمسم حيث زرعت معظم أراضي القرية بالحبوب والقطاني وفي القرية عدد من الملاحم بالإضافة إلى النجارين والحدادين والحلاقين ومحلات صغيرة لبيع الأقمشة واشتهروا بصنع البسط في البيوت وهذه قائمة ممن عرفنا من أصحاب البقالات والملاحم :
أما الملاحم عرفنا منها :
وكان للبلدة طابور طحين يملكه الشيخ ( محمود أبو محيسن ) وكان يخدم أهل البلدة ويستفيد من خدماته كذلك القرى المجاورة وخصوصاً عشائر منطقة شمال بئر السبع المحيطين بقرية عراق المنشية، وكان أهل القرية يملكون شاحنتين خاصتين فقط استفاد منهما أهل القرية للتبادل التجاري ونقل البضائع وأهمها الحبوب بين البلدة والقرى المجاورة وخصوصاً بلدة الفالوجة، وكانوا إذ أرادوا السفر إلى أي مكان في فلسطين، فإنهم كانوا يذهبون إلى الفالوجة ومنها يستقلون الحافلة إلى الوجهة التي يريدون وبالأحرى فإن الفالوجة هي المتنفس الوحيد لأهالي القرية حيث كانوا يؤمونها للتسوق لأنها كانت مركزاً هاماً من مراكز القضاء وكان سوق الفالوجة يوم الخميس من كل أسبوع له شهرة واسعة في قضاء غزة وبئر السبع.
كان أهل القرية يؤمون الفالوجة للإفادة من العلاج الطبي الذي كان متوفراً في عيادتها باعتبارها عيادة مركزية وفي نفس الوقت كان يؤم قرية عراق المنشية أطباء ميدانيون يقدمون العلاج اللازم وذلك بسبب انتشار أمراض العيون المختلفة هناك في ذلك الوقت.
تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة غزة وعلى بعد 32 كم منها، وترتفع 125 م عن سطح البحر، إلى الغرب من بيت جبرين، وعلى بعد 15 كم تقريبا، جنوب شرق الفالوجة. اسمها أي (عراق) (جمع عرق، ومعناه الجبل الصغير), يشير إلى موقعها أما الجزء الثاني، أي (المنشية) فقد أضاف السكان إلى الاسم لتمييز قريتهم من قرية مجاورة رحلوا عنها، وتدعي أيضا عراق. في سنة 1596, كانت عراق المنشية قرية في ناحية غزة (لواء غزة), وفيها 61 نسمة. وكانت تدفع الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير، بالإضافة إلى عناصر أخرى من الإنتاج كالماعز وخلايا النحل.
لم تختلف العادات والتقاليد في هذا الموضوع كثيرا عن وقتنا الحاضر الا الشيء البسيط فقد كان اهل العريس يرسلون امرأة إلى الفتاة للتعرف عليها قبل خطبتها ثم يذهب أهل العريس في جاهة كبيرة لبيت الفتاة لخطبتها وكانت تقام الافراح لمدة تتراوح ما بين الاسبوع والعشرة الايام.
وكان مهر العروس يتراوح ما بين 60- 80 ما يعادل الدينار الأردني بالجنيه الفلسطيني. وكانت كسوة العروس تشتمل على ثوب وقماش لعمل شاشة (جلجلي) توضع على الرأس وتنورة وشنابر ( حرير) وجلالي ( ثياب مختلفة كل قطعة بلون مختلف) وبغمة (وزريات للقلادة مثل العقد التي توضع في الرقبة) ووقاة ( قطعة من القماش توضع على الرأس منسوج عليها قطعة ذهبية أو فضية) ولفالف ( جرائد من القماش توضع على الظهر).
وكان الرجال ينصبون السامر ( الدبكة) في هذه الفترة منذ المساء وحتى منتصف الليل والنساء يغنين اغانٍ شعبية فلكلورية فلسطينية مثل دلعونا ويا ظريف الطول وغيرها من الأغاني الشعبية الشائعة في تلك الحقبة الزمنية.
وفي الأحزان والمآتم حيث كان في القرية مجلس لكل حامولة يسمى حارة يجتمع فيها الرجال عند الصباح وحتى منتصف الليل وكانت بيوت العزاء تفتح ولمدة ثلاثة أيام في هذه الاماكن حيث يستقبل أهالي الميت لثلاثة أيام متواصلة ويقوم الجيران والعائلات الأخرى بإطعام أهل الميت طعام الفطور والغداء والعشاء ويخففون من آلامه وأحزانه.
كانت الحامولة تستقبل الضيف القادم من خارج القرية في مجلس الحامولة وكان يقيم فيها ويبيت فيها ويقدمون له الطعام والشراب في المجلس بغض النظر عن العائلة التي ستقدم الطعام في ذلك اليوم وبالنسبة لاهل القرية فقد كانوا يطعمون بعضهم من الطعام حيث تقوم المرأة بتوزيع بعض الاطعمة على الجيران وخصوصاً أنواع الطعام التي لها علاقة بالتراث والمواسم مثل الخبيزة والزعتر بالخبز وغيرها
كان للمرأة دور مميز في القرية حيث كانت تقوم على خدمة الرجل وبيته ومساعدته في أعماله اليومية مثل الزراعة والرعي وحلب الأغنام والأبقار وحصاد المزروعات ودرسها مع زوجها وأهله ونقل مياه الشرب إلى البيت من الابار القريبة والبعيدة ونقل الحطب وغيرها من الاعمال الأخرى بالإضافة إلى تربية الأولاد وخدمة الجميع.
تمتاز عراق المنشية بالعديد من الأكلات الشعبية كسائر القرى والمدن الفلسطينية الأخرى ومنها:
وكأي قرية فلسطينية ومدينة شاركت عراق المنشية واهلها بدورهم الطبيعي ضد قوات الانتداب الإنجليزية والعصابات الصهيونية المموله منهم لطرد سكانها الاصليين من بلادهم، حيث كان في القرية ما بين الاعوام 1936 -1939 م كان فصيل ثوري نسق نشاطه مع قائدي منطقة الخليل عيسى البطاط وبعده عبد الحليم الجولاني.
كانت عراق المنشية في الأراضي المخصصة للدولة العربية بموجب قرار التقسيم للأمم المتحدة عام 1947.
بدأت المناوشات في القرى المحيطة بعراق المنشية بشكل عام وفي عراق المنشية بشكل خاص في أواخر آذار عام 1948 م ولكن المعارك الحقيقية بدأت في آواخر شهر حزيران، وإزدادت حدة وشراسة المعارك وتضييق الحصار الخانق عليها من قبل اليهود بعد سقوط بيت جبرين والتي احتلت من قبل العصابات الصهيونية يوم 27/10/1948 م وفي ذلك الوقت سقطت قرية قبية بني عواد وانسحب جزء من الجيش المصري إلى الخليل وبدأ أهالي القريتين أي بيت جبرين والقبية بالرحيل عنهما شرقاً إلى الدوايمة وقرى أخرى. وتبع ذلك سقوط عراق سويدان في أيدي اليهود بعد أن قاموا بهجوم ناجح على مفترق الطرق عند عراق سويدان وبذلك تم عزل القوات المصرية في عراق المنشية والفالوجة عن قيادتها في المجدل وغزة.
وسقوط كل من بيت جبرين شرقاً وعراق سويدان غرباً ضيق الخناق على الجيش المصري وأهالي القرية التي كانت حينها تعج وتغص بمئات اللاجئين الذي لجأوا إليها من القرى المجاورة، وفي هذا الحصار لم يبق اتصال يصل القرية بباقي أرجاء الوطن إلا من شريان واحد يصل شرق الفالوجة بغربي عراق المنشية، فلم يكن خيار للجيش المصري والأهالي إلا الاستبسال والاستماتة للدفاع عن شرفهم ولأن الإستسلام لليهود كان يعتبر بمثابة انتحار جماعي، فأقسم الجميع أي من كان قادراً على حمل السلاح من الجيش المصري والأهالي على خوض معركة الشرف تلك، فإما الموت وإما الشهادة (وعلي وعلى أعدائي). وقد تعاون الجميع على تجاوز تلك المحنة وامتزج الدم المصري والسوداني بدماء المتطوعين من أهلي القرية وسال زكياً على تراب عراق المنشية الطاهر، كان سكان القرية فلاحين تتوفر عندهم الحبوب في الخوابي والمخازن وكذلك يتوفر لديهم الكثير من الأبقار والأغنام والطيور الداجنة في حظائرهم فقد كان هذا عاملاً مهماً في رفد الحصار وإطالة أمد الصمود وخصوصاً اتخذت هذه المواد الغذائية كإمدادات للجيش المصري الذي انطعت سبل اتصاله بقيادته وبطرق إمدادته وتعاون الأهالي والجيش المصري الذي تعداده 1300 جندي في القرية في القيادة العليا إلى القيادة المصرية ولكن كان يقودههم على المستويات الأقل ضابطان سودانيان، وهم المللازم (عبد الله) و المللازم (بشير) الذي استشهد في إحدى المعارك غربي البلد.
كانت الحبوب أول الأمر تطحن في بابور طحين تابع للقرية كان يمتلكه الشيخ محمود أبو محيسن فعرف اليهود مدى أهميته وحيويته بالنسبة للقرية فركزوا عليه قصفهم حتى دمروه تدميراً كاملاً فأصبحت هناك مشكلة كيفيه طحن الحبوب.
وجدت هذه المشكلة حلها وذلك بتوزيع الحبوب على نساء القرية لكي يتم طحنها بواسطة الطواحين الحجرية اليدوية (الرحى) حيث كانت كل امرأة تتسلم مقداراً معيناً من الحبوب سواء القمح أو الشعير يجب عليها أن تطحنها على جاروشتها وتعيده طحيناً. وكانت امرأة قوية اسمها عزيزة كلفت من قبل المختار الحاج خالد الطيطي بتوزيع الحبوب على النساء وبعد فترة تعود لتجمعه طحيناً وقد لقبت بالشاويش. أما أشهرؤ النساء اللواتي عرفن بمهارتهم في نجاعة طحنهن للقمح والشعير على جواريشهن :
وغيرهن من الحرائر بطلات ملحمة صمود عراق المنشية.
أما وجبات الأكل فهي عبارة عن عجوة التمر تمرس (تنقع في الماء) ووجبات من الخبز والعدس ووجبات من جريشة القمح مع اللحم والبندورة المجففة والطبيعة وكذلك الفول والحمص.
أما طريقة الخبز : فقد كان يوجد في البلد فرن لشخص اسمه (عبد الكريم عثمان أبو سل) يشعل بواسطة الأخشاب وضعه صاحبه تحت تصرف المقاتلين وعندما نفدت الأخشاب اضطر المواطنون لهدم بعض المنازل وتقديم أخشابها وقوداً للفرن وقد دمر الفرن من قبل العصابات الصهيونية أيضا، واضطر المواطنون لخبز الخبز المقدم للجيش المصري في الطوابين وأحياناً على الصاج.
في أحد الهجمات بعد سقوط المجدل وكرتيا غرب البلد استطاعت العصابات الصهيونية دخول المنازل الغربية فتصدت لهم الوحدة السودانية والمتطوعين من أبناء البلدة الذين بلغ عددهم 200 متطوع بالإضافة إلى الجيش المصري. وبتضافر جميع الجهود والعناية الإلهية قبل كل شيء وبتخطيط من البيك (طه) الذي خطط لاستعمال الهنابر وهو نوع من المركبات كالدبابات والمدرعات تحمل نوعاً من أنواع المدفعية، وقد تم صد العدو وقد خلف مئات القتلى والجرحى وقد دفنت الجث التابعة للعدو في مقابر جماعية (تقول الرواية التاريخية الشفوية ان دفن جثث اليهود في المقابر الجماعية كان كبير جداً حتى ان اهل القرية دفنوهم وبين كل جثة وجثه مقدار لوح صبر)
أما الهجوم الثاني المشهور فقد جاء من الشمال وقد استعمل جمال عبد الناصر حيلة لاستدراج اليهود في فخ نصبه لهم وقد كان حينها مفاوضات بين جمال عبد الناصر والقائد اليهودي (سايل سكرمان) أصبح عام 1949 م متصرفاً للواء المجدل، وقد استدعوا وقتها جمال عبد الناصر ليمثل الجيش المصري إلى المستعمرة (جات) شمال البلد واتفقوا معه على أن يسلم الجيش المصري بلا قتال مقابل عدم الانتقام من الجيش والأهالي بعد الكارثة التي حلت باليهود في هجومهم الأول والذي فقدوا فيه المئات من جنودهم، واتفقوا معه تحت شروط وضعها جمال عبد الناصر (أن يدخل جنود العصابات الصهيونية بلا أسلحة وكان يريد أن يستدرجهم إلى حتفهم الذي ينتظرهم وقال لهم بأن هذا هو شرطه خوفاً على سكان القرية أن يروعوا ). حينها رجع جمال عبد الناصر من مقابلة اليهود، وطاف على مواقع الجيش المصري وعلى مواقع المتطوعين من السودانيين والأهالي وأخبرهم بأن اليهود قادمون بدون أسلحتهم الثقيلة فلا تطلقوا النار حتى أعطي الإشارة بواسطة طلقة حمراء، وحينما وصل اليهود ويقال أنهم وصلوا بأفرادهم مجندين ومجندات وضباطاً يرقصون ويغنون ظناً منهم أنهم حصلوا أخيراً على عراق المنشية وبكل سهولة. وعندما أصبحوا على بعد 100 متر تقريباً أطلقت طلقة الإشارة وأخذ الجيش المصري يقذف بحممه وبكثافة ولم ينج منهم إلا من كان متأخر في القدوم إلى البلد عندئذ فقد اليهود صوابهم وفقدوا ثقتهم بعبد الناصر وأصبحوا لا يأمنون له جانباً وقد خلفوا وقتها قتلى كثيرين (تقول الرواية التاريخية الشفوية ان دفن جثث اليهود في المقابر الجماعية كان كبير جداً حتى ان اهل القرية دفنوهم وبين كل جثة وجثه مقدار لوح صبر).
قال الرئيس عبد الناصر في 3 آذار/ مايس/1955: [إني أذكر يوم 16 أكتوبر (تشرين الأوّل) من عام 1948م. وكانت الهدنة قائمة وهجم اليهود هجوماً غادراً على موقع الكتيبة السادسة في عراق المنشية، ولكنهم هزموا شر هزيمة.
ولستُ أنسى معركة 16 أكتوبر عام 1948 في عراق المنشية حين واجهنا اليهود وهم متفوقون في القوة والعدد وكنا نحن في موقع منعزل محاصر، وتمسكنا بالشرف، وتمسكنا بالواجب، وتمسكنا بالوطن. فهزمنا المعتدين. فرأيت العسكري اليهـودي وهو يفر مذعوراً لمجرد رؤيتنا. رأيتهم يُهزمون رغم دباباتهم ومدرعاتهم التي تركوا بعضها في الميدان].
وقال الرئيـس بتاريخ 22 يونيو (حزيران) 1962: [وفي سنة 1948م. حاربنا وحوصر جزء من الجيش المصـري في الفالوجة وعراق المنشية. ولقد رأيت الفلسطينيين في عراق المنشية. وكان معنا الشيخ خالد(خالد الطيطي والذي منحة الرئيس جمال عبد الناصر فيما بعد وسام الاستحقاق من الدرجة الاولى) مختار في عراق المنشية، وقد أستشـــهد أبناؤه أمامي ولم يكن يلتفت لأحد من أبنائه، وقد أُريق في هذا اليوم الدم الفلسطيني والدم المصري، وقد بلغ عدد الذين أستشهدوا 150 شهيداً من الكتيبة المصرية وقتل أيضاً عدد كبير من الفلسـطينيين المناضلين ودخل اليهود وأستولوا على ثلثي عراق المشية ولكن لم يتمكنوا من الصمود وأســتطعنا أن نعيد الأستيلاء على مواقعنا وتكبد اليهود في هذا اليوم يوم 28 ديسـمبر (كانون الأوّل) سنة 1948 خسـائر بلغت حوالي 400 قتيل. وقمنا بدفنهم. وأنا ذهبت بعد انتهاء الحرب وبعد الهدنة إلى عراق المنشية في يناير (كانون الثاني) سـنة 1950 ودخلت بواسطة رجال الهدنة لأطلع اليهود على مقابر هؤلاء الجنود لأنهم لم يستطيعوا معرفتها وطلبوا من رجال الهدنة أن يرسلوا أحد المصريين ليريهم هذه المقابر… وقد أوفدني الجيش المصري لأعّين لهم المقابر لأننا كنا نتبادل الجثث].
دفتر يوميات جمال عبد الناصر الشخصية في حرب فلسطين التي أفرج عنها الصحفي محمد حسنين هيكل بعد 55 عاماً [1]
مقدمة قبل أن تقرأ اليوميات بقلم عبد الله السناوي
فجأة.. توقف رجل يوليو القوي “جمال عبد الناصر” عن الاستطراد في حديثه المستفيض مع الصحافي الشاب -وقتها- “محمد حسنين هيكل” عن تجربته في حرب فلسطين وشهادته على ما جرى فيها. طلب “جمال عبد الناصر” من ضيفه الانتظار قليلاً، وغادر حجرة الاستقبال في بيته المتواضع بشارع الجلالي في الوايلي، ليعود بعد قليل ومعه صور ومتعلقات شخصية ورزمة خطابات، بعضها تلقاها بعد العودة من الحرب من “أهالي الفالوجة”، وبعضها من زوجته تحية ووالده وعمه، وبرطمان مملوء بتراب المنطقة التي حارب فيها، معتقداً أنه سوف يعود إليها، لتستكمل القوات المصرية المهمة التي لم تقم بها، وأن مصر لم تخض حرباً حقيقية في عام،1948 فالحرب تشترط أن تكون واعياً بأهدافها ومستعداً لمقتضياتها، والنظام السياسي -وقتها- بدا غير مدرك أنه قد دخل حرباً فعلاً، أو ماذا يفعل بالضبط في فلسطين. غير أن أخطر ما أحضره معه “جمال عبد الناصر” دفتر مذكرات شخصية على غلافه الخارجي بقعة من دمه.. وقال ل”هيكل” : “يمكنك أن تأخذ معك هذا الدفتر، وأن تقرأ فيه، وأن تكتشف بنفسك ما جال بخاطري تحت وهج النيران في حرب فلسطين، وما كتبته يوماً بيوم في خنادق القتال على ضوء لمبة جاز”. في ذلك اليوم البعيد من مطلع عام،1953 عندما أخذ “هيكل” يتصفح دفتر المذكرات، وعلى غلافه الخارجي بقعة من دم “جمال عبد الناصر” سأله : “هل هذه إصابة حرب..؟”.. فأجاب على الفور : “لا”.. وأخذ يروي “جمال عبد الناصر” قصة بقعة الدم على غلاف دفتر مذكرات، فأثناء كتابته اليومية مسجلا