اذا لم تجد ما تبحث عنه يمكنك استخدام كلمات أكثر دقة.
كثيراً ما تُقارن الزرادشتية بديانة إيرانيَّة أخرى وهي المانوية، مع أنَّ المانويَّة أقرب في تعاليمها إلى الديانات الغنوصية، سطحياً تبدو هذه المقارنة ملائمة، فالمانوية تمتلك الصفات الرئيسيَّة التي تتميَّر بها الديانات الإيرانيَّة، فالمانوية - مثل الزرادشتيَّة - مثنوية في تصوُّرها للعالم وتُقدِّس اليازاتا إلى درجة الألوهيَّة، لكنَّ المثنوية المانوية مختلفة في كونها ثنائيَّة الروح والمادَّة، يمثِّل فيها الخير نتاج الروح والشر نتاج المادة، وهو ما ساهم في شيوع المانويَّة بين الروحانيين والمتصوِّفة، لملائمة هذه التصور الروحانيَّة المألوفة لديهم. على النقيض ليس هناك مكان للتصوُّف والزهد في الزرادشتيَّة، ولا إشارة في أدبياتها إلى مثنوية الروح والمادَّة، والمثنوية في الزرادشتيَّة تشير إلى قوى الخير والشر - الآلهة والشياطين - في صراعهم المصيري. وفقاً لتعالم ماني فإنَّ العالم مادي وأجساد البشر مصنوعة من نفس مادَّة الشيطان، أمَّا في الزرادشتيَّة خالق العالم المادي هو أهورامزدا الذي لم يخلق شراً. ولهذه الاختلافات تعرَّض ماني وأتباعه إلى الاضطهاد من قبل الكهنة المجوس، والعلاقة بين رجال الدين من الديانتين تشوبها العداوة. يصف غيراردو نولي العلاقة بين الزرادشتيَّة والمانويَّة بالآتي: «يمكن الافتراض أنَّ أصول المانويَّة في التقاليد الدينيَّة الإيرانيَّة، وعلاقتها بالمازدانية أو الزرادشتية أشبه ما تكون بعلاقة المسيحية باليهودية»، على النقيض كتب والتر برونو هينينغ: «جدير بالذكر أنَّ ماني، الذي نشأ وقضى معظم حياته في إحدى أقاليم الإمبراطورية الفارسيَّة، والذي تعود أصول أمه إلى عائلة بارثية مشهورة، لم يلتفت إلى النقليد الميثولوجي الإيراني بتاتاً».