الآراء السياسية لألبرت أينشتاين (3,190 كتاب)
اذا لم تجد ما تبحث عنه يمكنك استخدام كلمات أكثر دقة.
اُشتهِر ألبرت أينشتاين خلال حياته لعمله على نظرية النسبية والفيزياء بصورة عامة. فكان ناشط سلام هام وعضو في الحركة الاتحادية العالمية وديمقراطي اشتراكي، فكانت آراءه السياسية محط اهتمام العامة خلال منتصف القرن العشرين بسبب شهرته وانخراطه في عدد من المشاريع الإنسانية والسياسية والأكاديمية حول العالم، واستمر الاهتمام بمواقفه السياسية حتى بعد وفاته. وغالباً ما سُؤِلَ ليعطي رأيه إزاء قضايا وأمور لم تكن مرتبطةً لا بالفيزياء النظرية ولا بالرياضيات. وقد ساعد وضع أينشتاين ومكانته البارزة على الصعيدين الأكاديمي والاجتماعي في قدرته على التحدث والكتابة بصراحة وحتى بلهجة اعتبرها البعض استفزازيّة بلا خوفٍ في الوقت الذي التزم به الكثيرون بالصمت نتيجة وصول النازيين بقيادة أدولف هتلر إلى سدة الحكم بألمانيا وهو ما أدى لاندلاع الحرب العالمية الثانية.
الإنسانية
شارك أينشتاين في مؤتمر العصبة المناهضة للإمبريالية والاستعمار الذي عُقد في إقليم بروكسل العاصمة عام 1927. كما قابل العديد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان مثل روبندرونات طاغور والذي خاض معه العديد من الأحدايث عام 1930 قبل مغادرته ألمانيا.
أينشتاين وألمانيا
ولِد أينشتاين في مدينة أولم الواقعة جنوبي غرب ألمانيا، لذلك فهو يحمل الجنسية الألمانية. ازداد تضارب مذهب السلامية الذي آمن به أينشتاين خلال تقدمه في العمر مع الآراء العسكرية للإمبراطورية الألمانية في ذاك الوقت. وتخلى عن جنسيته الألمانية حينما بلغ السابعة عشر عاماً، وانتقل للعيش في سويسرا للدراسة الجامعية. ولم يعد أينشتاين مجبراً على الخدمة في الجيش الألماني بسبب تخليه عن جنسيته الأصلية وهو الأمر الذي تناسب مع معتقداته السلامية التي تتمحور حول الالتزام بالسلام ومعارضة الحرب.
رداَ على توقيع 93 عالم منهم الفيزيائي ماكس بلانك وصاحب رأي على إتفاقية مانيفستو بغرض دعم ألمانيا على خوض الحرب، كتب أينشتاين وثلاثة أخرين إتفاقية أخرى معارضة لإتفاقية مانفيستو.
عاد أينشتاين مرة أخرى إلى ألمانيا في عام 1914 بعد قبولة منصب في جامعة بريلن، حيث قضى في ألمانيا وقت الحرب العالمية الأولى حيث قدم أوراق للحصول على الجنسية الألمانية مرة أخرى. في السنوات التي تلت الحرب، عرف عن أينشتاين دعمه الشديد لألمانيا. ففي عام 1918، أسس أينشتاين مع مجموعة من العلماء ورجال السياسة الحزب الديمقراطي الألماني. بينما في عام 1920، رفض أينشتاين حضور مؤتمر سولفاي الثالث في بلجيكا، بسبب مواطنيه الألمان. في عام 1922، إنضم أينشتاين إلى مجتمع ممول من قبل عصبة الأمم، لكنه سرعان ما تركه عند رفض المجتمع أن يتحرك ضد احتلال فرنسا لحوض الرور في عام 1923. كعضو في منظمة ألمانيا لحقوق الإنسان. عمل أينشتاين جاهدا لإصلاح العلاقة بين فرنسا وألمانيا.
في ديسمبر 1932،إنتقل أينشتاين وزوجته وسكرتيرته إلى الولايات المتحدة حيث عمل في معهد كاليفورنيا للتقنية في باسادينا، كاليفورنيا، وحاضر في قاعة إبراهام فليكسنر المؤسسة حديثا آنذاك في معهد الدراسات المتقدمة في برينستون، نيو جيرسي. ترك أينشتاين الجنسية الألمانية مرة أخرى في عام 1933 احتجاجا منة على نهضة أدولف هتلر والحزب النازي.
في ثلاثينات القرن الماضي وأثناء الحرب العالمية الثانية، كتب آينشتاين شهادة مقترحا فيها توفير تصريحات دخول (فيزا) للمهاجرين اليهود في أوروبا الذي يحاولون الهروب والنجاة بحياتهم ولم يستطيعوا تحقيق شروط الهجرة الشرعية. فقام بجميع الأموال والتبرعات لمنظمات الصهيونية ولف فضل كبير في تكوين مجتمع الإنقاذ الدولي في عام 1933.
في ألمانيا، قام المجتمع الفيزيائي نشر مطبوعات وكتب صغيرة تحرض وتهاجم أينشتاين بقيادة فيليب أنتون لينارد الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1905 بفضل أبحاثة عن أشعة الكاثود ويوهانس شتارك الحاصل على نوبل في عام 1919 بعد اكتشافه تأثير دوبلر حيث قادوا حمله لحذف وإلغاء أعمال أينشتاين من المعجم الألماني باعتبارة عمل فيزيائي من يهودي غير مقبول. إزداد الهجوم حدة عليه حتى تم منع المحاضرين من تدريس نظرياته وتم طرد العديد نتيجة عدم التزامهم بهذا القانون من أمثال فيرنر هايزنبيرغ الحاصل على نوبل في عام 1932 بعد اكتشافة لمبدأ عدم التأكد. والذي قام بمنافسة احتمال وجود الكوانتم مع بور وأينشتاين. إدعى فيليب لينارد أن معادلة تكافؤ الكتلة-الطاقة يجب أن يتم نسبها إلى فريدريك هير لنسبة للجنس الآري. في إحدى المرات حاول رجل قتل أينشتاين وتم الحكم عليه بغرامة قدرت بست دولارات فقط.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وفقد الحزب النازي السلطة، رفض أينشتاين التعاون مع ألمانيا. كما رفض العديد من الجوائز المقدمة له من ألمانيا، نتيجة لعدم قدرته على مسامحة ألمانيا على الهولوكوست الذي تسبب في قتل 6 مليون يهودي. زار أينشتاين ألمانيا مرة أخرى أثناء رحلتة حول أوروبا في عام 1952.
الصهيونية
عُرِف عن أينشتاين دعمه الكامل للصهيونية الاشتراكية وإنشاء روابط تعاون بين اليهود والعرب، وتشجيعة لإقامه مستعمرة يهودية في فلسطين والتي كانت آنذاك واقعة تحت الانتداب البريطاني على الرغم من معارضتِه للفكرة اليهودية المنادية ب"على الحدود، جيش، بقوة عظمى" حتى عام 1948.
وفقا لمارك إيلس، فإن أينشتاين قد وصف نفسه بأنه إنسان يهودي، منادي بالقومية اليهودية، الصهيونية، نادي أينشتاين ودعم فكرة تكوين وطن يهودي في فلسطين حتى عام 1947 عندما إعترف أن هذا الوطن وطن غير قومي يفرق لا يجمع قائلا:
نشرت خطاباته ومحاضراته عن الصهيونية في عام 1931 من قبل دار نشر ماك ميلان، تم تجميع 11 مقالة منهم في كتاب نشر عام 1933 بعنوان نظريتي للعالم. تم ترجمة إلى اللغة الإنجليزية بعنوان "العالم كما أراه". ذكر فية آراءة عن معنى الحياة، الأخلاق، العلم، المجتمع، الدين والسياسة. أهدى أينشتاين في مقدمة كتابه إهداء إلى يهود ألمانيا. يحثهم فية على متابعة النضال، مناديا بالسلام.
صرّح أينشتاين في خطابة يعود لعام 1938 بعنوان "واجبنا نحو الصهيونية" قائلاً:
ظهر راية بوضوح في شهادته قبل انعقاد المجتمع الأنجلو-أمريكي في شهر يناير 1946 صرح بانة لا يفضل تكوين أمة يهودية، بينما في خطاب أرسلة إلى جواهر لال نهرو رئيس وزراء الهند عام 1947، حاول فية أن يقنع الهند بدعم وتمويل تكوين مجتمع يهودي. صرح أينشتاين بأن وعد بلفور الذي يعطي الحق لليهود بتكوين مجتمع يهودي على أرض فلسطين "لايخلق توازن". كما صرح أنة "في نهاية الحرب العالمية الأولى، أعطى الحلفاء العرب ما يقرب من 99% من الأراضي الشاسعة المحررة من الأتراك لإرضاء طموحتهم الوطنية وتم إنشاء 5 دول عربية جديدة، بينما 1% فقط من الأراضي لليهود". بقي أينشتاين داعماً بقوة للهجرة اليهودية غير المحدودة إلى فلسطين.
سريعا ما أوصت عصبة الأمم باصدار قرار يدعم إنقسام المستعمرة وتأسيس ولاية يهودية، مع إنهاء الحرب بين العرب والإسرائيليين في عام 1948. اشترك أينشتاين في كتابة وإرسال رسالة مفتوحة لجريدة نيويورك تايمز في عام 1948 ناقضا فيه سياسة مناحم بيجن وحزبة كما أدان بشده مذبحة دير ياسين ووصفها قائلا:
صرح بعدها قائلا:
أدى هذا الخطاب إلى إعتقاد البعض أن أينشتاين ضد الصهيونية. لم يهتم أينشتاين بهم كثيرا وسريعا ما أعلن أن دعمة لإنشاء إسرائيل سيعيد النظر فيه إذا وصل هذا الحزب إلى الحكم. عندما إعترف الرئيس هاري ترومان بقيام دولة إسرائيل في مايو 1948، وصف أينشتاين القرار بأنه تحقيق للحلم اليهودي. دعم أينشتاين حزب نائب الرئيس هنري أغارد ولاس في إنتخابات 1948 الرئاسية والذي يعتبر داعم سابق لكل من الإتحاد السوفيتي ودولة إسرائيل.
عمل أينشتاين في مجلس المحافظين في الجامعة العبرية في القدس. في وصيته عام 1950، أعطى أينشتاين حقوق كتاباته الأدبية إلى الجامعة والتي قامت بحفظ ملفاته الأصليه في أرشيف الجامعة.
بعد وفاة الرئيس حاييم وايزمان في عام 1952، سئل أينشتاين أن يشغل منصب "رئيس وزراء إسرائيل الثاني" ولكنه رفض العرض، مصرحا بانه لا يملك القدرة الطبيعية أو الخبرة اللازمة للتعامل مع البشر. كتب لاحقا:
الحقوق المدنية
عرف عن أينشتاين دعمة للحقوق المدنية. بعد وصول أينشتاين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إعترض على سوء المعاملة التي يتعرض لها الأمريكان ذو الأصول الأفريقية. أينشتاين الذي عاني إضطهاد كبير قبل الحرب العالمية الثانية، لم يدخر جهدا في التعاون مع قادة الحركات الميدانية ومنظمات الحق المدني مثل الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين (NAACP) التي تضمن المساواة السياسية، التعليمية، الاجتماعية والاقتصادية بين جميع الأعراق والقضاء على التمييز العنصري.
إعتبر نفسه منصة لكل صوت يتعرض لسوء المعاملة. فعلى سبيل المثال، عندما منعت المغنية الأمريكية ذات الأصول الأفريقية والمدافعة عن الحق المدني ماريان أندرسون من حجز الغرف في الفنادق والأكل في المطاعم العامة، قام أينشتاين بدعوتها للأكل في منزلة في تحدي صريح منه للعنصرية.
بعد فض مظاهرة دموية في 1946 والتي هاجم فيها 500 جندي من القوات الحكومية مستخدمين بنادق ورشاشات مدمرين كل الأماكن المملوكة للسود في منطقة مكونة من أربعة مربعات في تينيسي. إنتهت بالقبض على 25 رجل أسود بتهمة الشروع في القتل. إنضم آينشتاين إلى إليانور روزفلت، لانغستون هيوز وثورغود مارشال للدفاع عن المتهميين. وكنتيجة لذلك تم تبرئة 24 متهم من أصل 25.
في عام 1946، سافر الفيزيائي والحاصل على نوبل إلى جامعة لينكولن في بنسيلفانيا، المدرسة الآم لكل من لانغستون هيوز ثورغود مارشال والمدرسة الأولى في التاريخ الأمريكي التي تضمن دخول الكليات لطلابها السود. في لينكولن، حصل أينشتاين على درجة دكتوراه فخرية بعد أن أعطى محاضرة عن الجاذبية لطلاب المدرسة.
أيضا، عندما لم يتم تطبيق العدالة بعد مقتل ثنائي أسود في مونرو، جورجيا، لم يحاول آينشتاين أن يخفي مقدار غضبة وثورته حتى أمام العامة حيث أعطى إسمة للممثل والناشط الحقوقي الأمريكي بول روبنسون لإنهاء قرار الإعدام خارج نطاق القانون وكتب خطاب إلى الرئيس هاري ترومان مطالبا بإعادة التحقيق في القضية ومعاقبه القتلة. أصبح بذلك كلا من أينشتاين وروبنسون. بعد وضع روبنسون في القائمة السوداء نتيجه لجهودة في محاربة العنصرية فتح أينشتاين بيته لصديقه الذي عرفه طوال 20 عامًا.
من قضية فتية سكوتسبورو إلى محاولات عديدة لإيقاف إعدام وويلي ماك جي، متهم "أسود اللون" بإغتصاب سيدة بيضاء من ولاية مسيسيبي. كما حاول منع نيوجيرسي من إعادة سام بالهانون، جورجي، إلى السجن بعد قضاء 18 عاماَ نتيجة لإتهامة بسرقة علبة سجائر. استعمل أينشتاين إسمة وشهرته لنصرة المظلوم ومواجهه العنصرية كالعادة.
حقوق المثليين
كان أينشتاين واحد من بين آلاف الشخصيات البارزة التي وقعت على اتفاقية عالم الجنس والطبيب ماغنوس هيرشفلد ضد الفقرة رقم 175 من قانون العقوبات الألماني، والتي تدين المثلية الجنسية. استمرت الإتفاقية أكثر من ثلاثون عام في اللجنة الإنسانية العلمية بفضل نشاط هيرشفلد، جمعت الإتفاقية العديد من توقيعات النخبة المثقفة من اليهود.
المصدر: ويكيبيديا الموسوعة الحرة برخصة المشاع الإبداعي