If you do not find what you're looking for, you can use more accurate words.
ذُكرت غزوة بدر في القرآن الكريم بيوم الفرقان، وقد سميّت بذلك لأنها فرّقت بين الحق والباطل، ولأنها كانت الفارق بين عهدين من عهود الإسلام؛ مرحلة الضعف والصبر ومرحلة القوّة من جميع النواحي بعدها، وكان لها أثراً كبيراً في إعلاء شأن الإسلام، وانتهت الغزوة بمقتل ما يقارب سبعين من المشركين، ومنهم أبو جهل، واستُشهد من المسلمين أربعة عشر رجلاً، وأُسِر من المشركين سبعين رجلاً، وخرج المسلمون بغنائم كثيرة، ولم يكن الشرع حينها موضّحاً كيفية تقسيم الغنائم، فنزل قول الله -تعالى-: (وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّـهِ وَما أَنزَلنا عَلى عَبدِنا يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَى الجَمعانِ وَاللَّـهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ).
خسِرت قريش في غزوة بدرٍ مجموعةً من أهمّ قادتها، وفيما يأتي ذكر أهمّ هؤلاء القادة:
تلقّى المشركون في الجزيرة العربية خبر انتصار المسلمين بصدمةٍ كبيرة، وذلك الخبر أدّى إلى انحطاط سمعة قريش في جميع أنحاء الجزيرة، مما دفعهم للوقوف صفاً في وجه المسلمين ليعملوا جاهدين على عدم تحقيق هذا النصر مرّة أخرى، أمّا أهل المدينة المنورة فقد كانت ردّة فعلهم على العكس تماماً، حيث تلقّوا الخبر بالبهجة والسرور، وأصبحت القوّة العظمى في المدينة بيد المسلمين، مما دفع الكثير من المشركين بالتّظاهر بالإسلام وإخفاء العداوة للإسلام والمسلمين، وعلى رأسهم عبد الله بن أُبيّ بن سلول، فقد ظلّ يحيك الخطط والأساليب التي تُوقع برسول الله وصحابته، ويستغلّ الفرص والأحداث من أجل إضعاف قوّة المسلمين وترابطهم.
وقد خاف الأعراب خوفاً شديداً بسبب قيام دولةً للإسلام في المدينة المنورة، حيث ستقوم هذه الدولة بالطّبع على القِيَم والمبادئ الإسلاميّة التي ستمنعهم من القيام بما اعتادوا عليه من النّهب والسّلب التي تعدّ مصدر رزقهم وقوّتهم، ولم يأبه هؤلاء الأعراب من ناحية الكفر والإيمان بشيءٍ، على خلاف أهل مكة الذين كانوا يعتبرون أنفسهم أهل الوثنيّة، وكان لهم المكانة العقديّة والسياسية عند كل من يأتي إلى البيت الحرام لأجل الحج، ومن هنا كانت العدواة من قِبلهم أشدّ، ورغم أنّ المسلمين حقّقوا النصر في غزوة بدر إلّا أنّهم أصبحوا في خطرٍ أكبر من كلّ من حولهم من الوثنيّين واليهود، وعلى الرغم من ذلك فإن مَن يريد أن يغزو المدينة من هذه القبائل فإنّه يفكّر مرّاتٍ ومرّات، فها هي قريش على عددها وعدّتها قد هُزمت من قبلهم هزيمة كبيرة.
وقعت غزوة بدر في اليوم السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة، وسببها أنّ رسول الله بعث مجموعةً من أصحابه لمُقاطعة القافلة التجاريّة الآتية من الشام إلى مكّة، والتي كان يقودها أبو سفيان، ولم يكن رسول الله يريد القتال، لكنّ أبا سفيان أرسل إلى قريش يستنجدهم لحماية القافلة، فخرجت بجيشٍ يضمّ ألف مقاتلٍ، أمّا عدد المسلمين فقد بلغ ثلاثمئة وثلاثة عشر أو أربعة عشر مقاتل، فاستشار رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه المهاجرين، فأشاروا عليه بالجهاد، أمّا الأنصار فقام سيّدهم سعد بن معاذ مخاطباً رسول الله يؤيّده في القتال وخوض غمار المعركة.
سار النبيّ بأصحابه حتى وصل ماء بدر، فقام الحبّاب بن المنذر إلى رسول الله يسأله إن كان مجيئه إلى هذا المكان بوحيٍ من الله أم برأيه، فأجابه الرسول أن ذلك رأي الحرب، فاقترح عليه الحبّاب تغيير المكان بهدف قطع الماء عن المشركين، وأشار سعد بن معاذ إلى إقامة عريشٍ للنّبي خلف صفوف المسلمين، وبالفعل قاموا ببنائه، فرتّب رسول الله صفوف المسلمين، وحثّهم على القتال، ثم عاد إلى عريشه ومعه أبو بكر الصديق وسعد بن معاذ، وأخذ رسول الله يدعو ربّه قائلاً: (اللَّهُمَّ إنِّي أنْشُدُكَ عَهْدَكَ ووَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إنْ تَشَأْ لا تُعْبَدْ بَعْدَ اليَومِ).